للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٦٩٩ - وعن عمر، قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقامًا، فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم، وأهل النار منازلهم، حفظ ذلك من حفظه، ونسيه من نسيه رواه البخاري.

٥٧٠٠ - وعن أبي هريرة، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: ((إنَّ الله تعالى كتب كتابًا قبلَ أن يخلق الخلق: إنَّ رحمتي سبقَت غضبي؛ فهو مكتوبٌ عنده فوق العرش)) متفق عليه.

ــ

الحديث الثاني عن عمر رضي الله عنه: قوله: ((حتى دخل أهل الجنة)) غاية أخبرنا أي أخبرنا مبتدئا من بدء الخلق حتى انتهى إلى وصول أهل الجنة الجنة، ووضع الماضي موضع المضارع للتحقيق المستفاد من قول الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم.

الحديث الثالث عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((كتب كتابًا)) تو: يحتمل أن يكون المراد بالكتاب اللوح المحفوظ، ويكون معنى قوله: ((فهو مكتوب عنده)) أي فعلم ذلك عنده، ويحتمل أن يكون المراد القضاء الذي قضاه وعلى الوجهين، فإن قوله: ((فهو مكتوب عنده فوق العرش)) تنبيه على كينونته مكنونا على سائر الخلائق، مرفوعًا عن حيز الإدراك، ولا تعلق بهذا القول بما يقع في النفوس من التصورات، تعالى الله عن صفات المحدثات، فإنه هو المباين عن جميع خلقه المتسلط على كل شيء بقهره وقدرته، وفي سبق الرحمة بيان أن قسط الخلق منها أكبر من قسطهم من الغضب، وأنها تنالهم من غير استحقاق، وأن الغضب لا ينالهم إلا بالاستحقاق، ألا ترى أنها تشمل الإنسان جنينًا ورضيعًا وفطيمًا وناشئًا من غير أن تصدر منه طاعة استوجب بها ذلك، ولا يلحقه الغضب إلا بما يصدر عنه من المخالفات {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم} فالحمد لله على ما ساق إلينا من النعم قبل استحقاقنا.

مح: غضب الله تعالى ورضاه يرجعان إلى إثابة المطيع وعقاب العاصي، والمراد بالسبق هنا وبالغلبة في أخرى كثرة الرحمة وشمولها، كما يقال: غلب على فلان الكرم والشجاعة، إذا كثرا منه.

أقول: قوله: ((إن رحمتي سبقت غضبي)) يحتمل أن تكون ((أن)) مفتوحة بدلا من ((كتابا)) أو مكسورة حكاية لمضمون الكتاب، وهو على وزان قوله تعالى: {كتب على نفسه الرحمة}

<<  <  ج: ص:  >  >>