٥٧٢٦ - وعن العباس بن عبد المطلب، زعم أنه كان جالسا في البطحاء في عصابة ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فيهم، فمرت سحابة، فنظروا إليها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ما تسمون هذه؟)). قالوا: السَّحاب. قال:((والمزن؟)) قالوا: والمزن. قال:
ــ
رواية:((عمى)) بالقصر، ومعناه ليس معه شيء، وقيل: هو كل أمر لا تدركه عقول بنى آدم ولا يبلغ كنهه الوصف والفطن.
ولا بد في قوله:((أين كان ربنا؟)) من مضاف محذوف كما حذف في قوله تعالى: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم} ونحوه، فيكون التقدير:((أين كان عرش ربنا؟)) يدل عليه قوله تعالى: {وكان عرشه على الماء}.
قال الأزهرى: نحن نؤمن به ولا نكيفه بصفة، أي نجرى اللفظ على ما جاء عليه من غير تأويل.
أقول: لم يفتقر إلى التقدير، ولا بد لقوله:((في عماء)) بالمد، من التأويل حتى يوافق الرواية الأخرى:((عمى)) مقصورًا، وأما ما ورد في الصحاح عن عمران بن الحصين رضي الله عنه:((كان الله ولم يكن شيء وكان عرشه على الماء)) وذلك أن قوله: ((ما تحته هواء وما فوقه هواء)) جاء تتميمًا وصونا لما يفهم من قوله: ((في عماء)) من المكان فإن الغمام المتعارف محال أن يوجد بغير هواء فهو نظير قوله: ((كلتا يديه يمين)) على ما سبق، فالجواب من الأسلوب الحكيم، سئل عن المكان فأجاب عن أن لامكان، يعني إن كان هذه مكانًا فهو في مكان، وهو إرشاد له في غاية اللطف.
قض: المراد به ما لا تقبله الأوهام ولا تدركه الفطن والأفهام، عبر به عن عدم المكان بما لا يدرك ولا يتوهم، وعن عدم ما يحويه ويحيط به بالهواء، فإنه يطلق ويراد به الخلاء الذي هو عبارة عن عدم الجسم ليكون أقرب إلى فهم السامع، ويدل عليه أن السؤال كان عما قبل أن يخلق خلقه، فلو كان العماء أمرًا موجودًا لكان مخلوقًا إذ ما من شيء سواه إلا وهو مخلوق خلقه وأبدعه، فلم يكن الجواب طبق السؤال.
الحديث الثاني عن العباس رضي الله عنه:
قوله:((المزن)) نه: هو الغيم والسحاب واحدته مزنة، وقيل: هي السحاب الأبيض وكذا: ((العنان)) بالفتح السحاب والواحدة عنانة، وقيل: ما عن لك فيها، أي اعترض وبدا لك إذا رفعت رأسك.