صفته في القرآن: {يأيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً} وحرزاً للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة؛ ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح بها أعينًا عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غُلفاً. رواه البخاري. [٥٧٥٢]
ــ
قوله: ((حرزاً للأميين)) قض: أي حصناً وموئلاً للعرب يتحصنون به من غوائل الشيطان، أو عن سطوة العجم وتغلبهم، وإنما سموا أميين لأن أغلبهم لا يقرءون ولا يكتبون.
((ليس بفظ)) يحتمل أن يكون آية أخرى في التوراة لبيان صفته، وأن يكون هو حالاً إما من ((المتوكل)) وإما من الكاف في ((سميتك))، فعلى هذا فيه التفات.
وكذا في قوله: ((لن يقبضه حتى يقيم)) بالياء المثناة من تحت على رواية المشكاة ويعضده ما في شرح السنة: ((لن يقبضه الله)).
قال الكلبي: ((فظاً)) في القول، ((غليظ القلب)) في الفعل.
قوله: ((ولا سخاب في الأسواق)) أي هو لين الجانب شريف النفس لا يرفع الصوت على الناس لسوء خلقه، ولا يكثر الصياح عليهم في السوق لدناءته، بل يلين جانبه لهم ويرفق بهم.
قوله: ((الملة العوجاء)) قض: يريد به ملة إبراهيم، فإنها قد اعوجت في أيام الفترة، فزيدت ونقصت وغيرت وبدلت، وما زالت كذلك حتى قام الرسول صلى الله عليه وسلم فأقامها.
قوله: ((بأن يقولوا)) متعلق بقوله: ((يقيم)) فإن قلت: قوله: ((إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن)) يقتضى أن تكون المذكورات كلها مثبتة في القرآن؟.
قلت: أجل، أما قوله: {يأيها النبي إنا أرسلناك} ففي الأحزاب.
وقوله: ((حرزاً للأميين)) ففي قوله: {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب}.
وقوله: ((وسميتك المتوكل ..)) إلى قوله: ((ولكن يعفو ويغفر)) في قوله: {ولو كنت فظاً غليظ القلب ...} إلى قوله: {... إن الله يحب المتوكلين}.
قوله: ((ولا سخاب في الأسواق)) في قوله تعالى: {فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين} أي دم على التسبيح والتحميد، واجعل نفسك من الذين لهم مساهمة ونصيب