٥٧٥١ - وعن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بمسجد بني معاوية، دخل فركع فيه ركعتين وصلينا معه، ودعا ربه طويلاً، ثم انصرف فقال:((سألت ربي ثلاثاً، فأعطاني اثنتين، ومنعني واحدة، سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة، فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها)). رواه مسلم.
٥٧٥٢ - وعن عطاء بن يسار، قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص قلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة، قال: أجل، والله إنه لموصوف ببعض
ــ
لا يهلك أمتي بسنة فأعطانيها، وسألته أن لا يسلط عليهم عدواً من غيرهم فأعطانيها، وسألته أن لا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعنيها)).
((مظ)): أعلم أن لله تعالى في خلقه قضائين، مبرماً ومعلقاً، أما القضاء المعلق فهو عبارة عما قدره في الأزل معلقاً بفعل، كما قال: إن فعل الشيء الفلاني كان كذا وكذا، وإن لم يفعله فلا يكون كذا وكذا فهو من قبيل ما يتطرق إليه المحو والإثبات، كما قال الله تعالى في محكم خطابه:{يمحو الله ما يشاء ويثبت}.
أما القضاء المبرم فهو عبارة عما قدره سبحانه في الأزل من غير أن يعلقه بفعل، فهو في الوقوع نافذ غاية النفاذ بحيث لا يتغير بحال ولا يتوقف على المقضى عليه ولا المقضى له، لأنه من علمه بما كان وما يكون وخلاف معلومه مستحيل قطعاً، وهذا مما لا يتطرق إليه المحو والإثبات، قال الله تعالى:{لا معقب لحكمه} فقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا قضيت قضاء فلا يرد)) من القبيل الثاني، ولذلك لم يجب إليه.
وفيه: أن الأنبياء مستجابو الدعوة إلا في مثل هذا.
الحديث الثالث عشر عن سعد رضي الله عنه: قوله: ((أمتي بالغرق)) يراد به والله أعلم الغرق العام كما فعل تعالى بقوم نوح وقوم فرعون.
والضمير في ((أعطانيها)) عائد إلى المسألة.
الحديث الرابع عشر عن عطاء رضي الله عنه: قوله: ((أجل)) هو حرف يصدق به الخبر خاصة تقول لمن قال: ((قام زيد)): أجل. وجوز بعضهم وقوعه بعد الاستفهام، وفي الحديث جاء جواباً للأمر على تأويل: قرأت التوراة هل وجدت صفة الرسول صلى الله عليه وسلم فيها؟ فأخبرني قال: أجل.
قوله:((إنا أرسلناك شاهداً)) حال مقدرة من الكاف، أو من الفاعل، أي مقدراً أو مقدرين شهادتك على من بعثت إليهم، وعلى تكذيبهم وتصديقهم، أي مقبولاً قولك عند الله لهم وعليهم، كما يقبل قول الشاهد العدل في الحكم.