عليهم عدواً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد! إذا قضيت قضاءً فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، وأن لا أسلط عليهم عدواً سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضًا ويسبي بعضهم بعضًا)). رواه مسلم.
ــ
الحديث الثاني عشر عن ثوبان رضي الله عنه: قوله ((زوى لي الأرض)) تو: زويت الشيء جمعته وقبضته، يريد به تقريب البعيد منها حتى اطلع عليه اطلاعه على القريب منها.
خط: توهم بعض الناس أن ((من)) في ((منها)) للتبعيض وليس ذلك كما توهمه بل هي للتفصيل للجملة المتقدمة، والتفصيل لا يناقض الجملة، ومعناه أن الأرض زويت لي جملتها مرة واحدة فرأيت مشارقها ومغاربها، ثم هي تفتح لأمتي جزء فجزء حتى يصل ملك أمتي إلى كل أجزائها.
تو: يريد بالأحمر والأبيض خزائن كسرى وقيصر، وذلك لأن الغالب على نقود ممالك كسرى الدنانير، والغالب على نقود ممالك قيصر الدراهم،.
قوله: ((بسنة عامة)) السنة: القحط والجدب وهي من الأسماء الغالبة.
وقوله: ((من سوى أنفسهم)) صفة ((عدوا))، أي كائنا من سوى أنفسهم، وإنما قيده بذلك القيد لما سأل أولاً ذلك فمنع، على ما يأتي في الحديث الآتي.
وقوله: ((فيستبيح بيضتهم)) أي مجتمعهم وموضع سلطانهم ومستقر دعوتهم وبيضة الدار وسطها ومعظمها، أراد عدواً يستأصلهم ويهلكهم جميعهم.
وقيل: أراد إذا هلك أصل البيضة كان هلاك كلها من طعم أو فرخ وإذا لم يهلك أصل البيضة ربما سلم بعض أفراخها.
والنفي منصب على السبب والمسبب معاً، فيفهم منه أنه قد يسلط عليهم عدو لكن لا يستأصل شأفتهم.
قوله: ((أعطيتك لأمتك)) اللام فيه هي التي في قوله سابقاً: ((سألت ربي لأمتي)) أي أعطيت سؤالك لدعائك لأمتك، والكاف هو المفعول الأول.
قوله: ((أن لا أهلكهم)) هو المفعول الثاني كما هو في قوله: ((سألت ربي أن لا يهلكها)) هو المفعول الثاني.
وجواب: ((لو)) ما يدل عليه قوله: ((وأن لا أسلط)).
و ((حتى)) بمعنى كي، أي لكي يكون بعض أمتك يهلك بعضاً.
فقوله: ((إني إذا قضيت قضاءً فلا يرد)) توطئة لهذا المعنى، ويدل عليه حديث خباب بن الأرت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني سألت ربي ثلاثاً فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألته أن