والاستئصال، ولكن الله أمر نبيه بالجهاد معهم بالسيف ليرتدعوا عن الكفر، ولم يجتاحوا بالسيف فإن للسيف بقية، وليس مع العذاب المنزل بقية.
وروى أن قومًا من العرب قالوا: يا رسول الله أفنانا السيف.
فقال:((ذاك أبقى لآخركم)).
فهذا معنى الرحمة المبعوث بها - ذكره الخطابي.
قال الشيخ الإمام: ومما يؤيد ذلك حديث عائشة رضي الله عنها: أن الله تعالى بعث إليه ملك الجبال فقال: إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا)).
وهو مبعوث بالرحمة أيضًا حيث إن الله تعالى وضع في شريعته عن أمته ما كان في شرائع الأمم السالفة عليهم من الآصار والأغلال، كما قال الله تعالى في كتابه في قصة موسى عليه الصلاة والسلام، {ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ..} إلى قوله: {... ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم}، وأعطى أمته في الأعمار القصيرة على الأعمال اليسيرة ضعف ما أعطى الأمم الماضية في الأعمار الطويلة على الأعمال الكثيرة الثقيلة، كما جاء في حديث ابن عمر:((إن اليهود والنصارى قالوا: ما لنا أكثر عملا وأقل عطاء؟ قال الله تعالى: ((ذلك فضلى أوتيه من أشاء)) فقد أكمل الله على الخلائق بإرساله الرحمة، وأتم عليهم النعمة، وأعظم عليهم المنة فلله الحمد أولا وآخرًا وظاهرًا وباطنًا.
(والشاهد): لأنه هو الذي يشهد يوم القيامة للأنبياء على الأمم بتبليغ الأنبياء إليهم برسالات الله جل ثناؤه، [ويشهد على أمته] قال تعالى: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا} ويشهد لهم أي يزكيهم، قال الله تعالى:{لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا}.
وقيل: سماه شاهدًا لمشاهدته الحال كأنه الناظر إليها، والمخبر بما شاهد منها، ويقال للسان: الشاهد، لأنه يعبر ويشهد، قال الأعشى:
فلا تحسبني شاكرًا لك نعمة على شاهدي يا شاهد الله فاشهدي
أراد بشاهد نفسه لسانه، وبشاهد الله الملك.
(والمبشر والنذير): بشر أهل الإيمان بالجنة والرضوان وأنذر أهل النار بالخزي والبوار.