٥٨٠٦ - وعن أنس، أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم غنماً بين جبلين، فأعطاه إياه، فأتى قومه، فقال: أي قوم! أسلموا، فوالله إن محمداً ليعطى عطاءً ما يخاف الفقر. رواه مسلم.
٥٨٠٧ - وعن جبير بن مطعم، بينما هو يسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مقفله من حنين، فعلقت الأعراب يسألونه حتى اضطروه إلى سمرة، فخطفت رداءه فوقف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((أعطوني ردائي، لو كان لي [عدد] هذه العضاه نعم لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلاً ولا كذوباً ولا جباناً)). رواه البخاري.
ــ
وقوله: ((يا قوم أسلموا)) فإن قلت: كيف دل هذا الوصف على وجوب الإسلام؟
قلت: مقام ادعاء النبوة مع العطاء الجزيل يدل على وثوقه على من أرسله إلى دعوة الخلق، فإن من جبلة الإنسان خوف الفقر، كما قال الله تعالى: {الشيطان يعدكم الفقر}.
الحديث السابع عن جبير رضي الله عنه:
قوله: ((مقفله)) مصدر ميمي، أو اسم زمان، أي عند رجوعه أو زمان رجوعه.
وقوله: ((فعلقت الأعراب)) أي طفقت، وقيل تشبثت.
وقوله: ((فخطفت)) أي علق رداؤه بها، فاستعير لها الخطف.
وفي الغريبين: ((العضاه)) اسم شجر أم غيلان، وقيل: كل شجر له شوك عظيم، الواحدة عضة، وأصلها عضهة.
و ((عدد)) منصوب على المصدر، أي بعدد عددها، أو على نزع الخافض، أي بعددها.
قوله: ((ثم لا تجدوني بخيلاً)) مظ: يعني إذا جربتموني في الوقائع لا تجدوني متصفاً بالأوصاف الرذيلة.
وفيه: دليل على جواز تعريف نفسه بالأوصاف الحميدة لمن لا يعرفه ليعتمد عليه.
أقول: ((ثم)) هنا للتراخي في الرتبة، يعني: أنا في ذلك العطاء لسن بمضطر إليه، بل أعطيه مع أريحية نفس ووفور نشاط، ولا بكذوب أدفعكم عن نفسي ثم أمنعكم عنه، ولا بجبان أخاف أحداً. فهو كالتتميم للكلام السابق.
الحديث الثامن والتاسع والعاشر عن أنس رضي الله عنه: