للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢٧٥ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تعوذوا بالله من جب الحزن)). قالوا: يا رسول الله! وما جب الحزن؟ قال: ((واد في جهنم تتعوذ منه جهنم كل يوم أربعمائة مرة)). قيل: يا رسول الله! ومن يدخلها؟ قال: ((القراء المراؤون بأعمالهم)). رواه الترمذي، وكذا ابن ماجه، وزاد فيه: ((وإن من أبغض القراء إلى الله تعالى الذين يزورون الأمراء)). قال المحاربي: يعني الجورة [٢٧٥].

ــ

تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل} فمن سلك الطريق، وثبت عليها، ولم يأخذ يميناً وشمالاً، فقد فاز فوزاً عظيماً، وسبق من ركب متن الرياء وأخذ على يمين الصراط وشماله، ثم إذا ثبت المرائي، ودام على اعوجاجه، ولم يرجع إلى المستقيم، هام في أودية الضلال، وأداه الشرك الأصغر إلى الشرك الأكبر- أعاذنا الله منه- وهو المراد بقوله: ((ضللتم ضلالاً بعيداً)).

((غب)): الضلال العدول عن الصراط المستقيم، وتضاده الهداية، ويقال لكل عدول من المنهج، عمداً كان أو سهواً، يسيراً كان أو كثيراً- ضلال: فإن الطريق المستقيم الذي هو المرتضى صعب جداً. قيل: كوننا مصيبين من وجه، وكوننا ضالين من وجوه كثيرة، فإن الاستقامة والصواب يجري مجرى المقرطس من المرمى، وما عداه من الجوانب كلها ضلال، فإذا كان كذلك صح أن يستعمل لفظ الضلال في من يكون منه خطأ ما، ولذلك نسب الضلال إلى الأنبياء وإلى الكفار، وإن كان بين الضلالين بون بعيد.

الحديث السادس والعشرون عن أبي هريرة: قوله: ((جب الحزن)) هو علم، والإضافة فيه كما هي في دار السلام، أي دار فيها السلامة من آفة وحزن. و ((من يدخلها)) عطف على محذوف، أي ذلك الشيء عظيم هائل، فمن الذي يستحقه؟ ومن الذي يدخل فيه؟ والتعوذ من جهنم هنا كالنطق منها في قوله تعالى: ((هل من مزيد)) وكالتميز وكالتغيظ في قوله تعالى: ((تكاد تميز من الغيظ)) والظاهر أن يجرى ذلك على المتعارف؛ لأن الله على كل شيء قدير.

((الكشاف)): سؤال جهنم وجوابها من باب التخييل الذي يقصد به تصوير المعنى في

<<  <  ج: ص:  >  >>