أتاني آت, فشق ما بين هذه إلى هذه)) يعني من ثغرة نحره إلى شعرته ((فاستخرج قلبى, ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانًا, فغُسل قلبي, ثم حشي, ثم أعيد)) وفي رواية: ((ثم غسل البطن بماء زمزم, ثم مليء إيمانًا وحكمةً - ثم أتيت بدابَّة دون البغل وفوق الحمار, أبيض يقال له: البراق, يضع خطوه عند أقصى طرفه، فحملت عليه, فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا, فاستفتح, قيل: من هذا؟ قال: جبريلُ. قيل: ومن معك؟ قال: محمد, قيل: وقد أرسل إليه. قال: نعم قيل:
ــ
وحطيمًا لأنه حطم جداره عن مساواة الكعبة, وعليه ظاهر قوله: ((بينما أنا في الحطيم)) وربما قال: في الحجر, فلعله صلى الله عليه وسلم حكى لهم قصة المعراج مرات, فعبر بالحطيم تاره وبالحجر أخرى.
وقيل: الحطيم غير الحجر وهو ما بين المقام إلى الباب, وقيل ما بين الركن والمقام والزمزم والحجر, والراوي شك في أنه سمع في الحطيم أو في الحجر.
قوله: ((إلى شعرته)) نه: الشعرة بالكسر العانة, منبت شعرها.
تو: ما ذكر في الحديث من شق النحر واستخراج القلب وما يجري مجراه فإن السبيل في ذلك التسليم دون التعرض بصرفه إلى وجه يتقوله متكلف ادعاء للتوفيق بين المنقول والمعقول تبرؤا مما يتوهم أنه محال, ونحن - بحمد الله- لا نرى العدول عن الحقيقة إلى المجاز في خبر الصادق عن الأمر المحال به عن القدرة.
قوله: مملوءه إيمانًا)) قض: لعله من باب التمثيل, ومثل له المعاني كما تمثل له أرواح الأنبياء الدارجة بالصور التي كانوا عليها.
قوله: ((عند أقصى طرفه)) أي أن البراق يضع خطوه عند غاية نظره لغاية سرعته في مشيه، سمي براقًا لبريق لونه وسرعة سيره كبرق السحاب.
مح: قالوا: هو اسم للدابة التي ركبها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء.
قال الزبيدي في مختصر العين وصاحب التحرير: هي دابة كانت الأنبياء صلوات الله عليهم يركبونها, وهذا الذي قال يحتاج إلى نقل صحيح.
أقول: لعلهم حسبوا ذلك من قوله في حديث آخر: ((فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء)) أي ربطت البراق بالحلقة, وأظهر منه حديث أنس في الفصل الثاني لقول جبريل للبراق: ((فما ركبك أحد أكرم على الله منه)).
قوله: ((وقد أرسل إليه)) الواو للعطف, وحرف الاستثناء مقدر, أي أطلب وأرسل إليه؟.
مح: وفي رواية أخرى: ((وقد بعث إليه)) أي بعث إليه للإسراء وصعود السماوات, وليس