للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٨٦٩ - وعن البراء بن عازب، عن أبيه، أنه قال لأبي بكر: يا أبا بكر! حدثني كيف صنعتما حين سريت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أسرينا ليلتنا ومن الغد، حتى قام قائم الظهيرة وخلا الطريق لا يمر فيه أحد، فرفعت لنا صخرة طويلة، لها ظل لم يأت عليها الشمس، فنزلنا عندها وسويت للنبي صلى الله عليه وسلم مكاناً بيدي ينام عليه، وبسطت عليه فروة، وقلت: نم يا رسول الله! وأنا أنفض ما حولك، فنام وخرجت أنفض ما حوله، فإذا أنا براع مقبل. قلت: أفي غنمك لبن؟ قال: نعم قلت: أفتحلب؟ قال: نعم فأخذ شاة فحلب في قعب كثبة من لبن، ومعي إداوة حملتها للنبي صلى الله عليه وسلم يرتوي. فيها يشرب

ــ

قلت: بينهما بون بعيد، لأن معنى قوله: {معكما} أي ناصركما وحافظكما من مضرة فرعون، ومعنى قوله: {الله ثالثهما} أي الله تعالى جاعلهما ثلاثة، فيكون تعالى أحد الثلاثة، وأن كل واحد منهم مشترك فيما له وعليه من النصرة والخذلان.

فإن قلت: ما الفرق بين قوله: ((الله ثالثهما)). وبين قوله: ((ثالثهما الله))؟.

قلت: لا يقدم ما تقدم هنا إلا لنكتة سرية فإن قوله: ((الله ثالثهما)) يفيد أنهم مختصان بأن الله ثالثهما وليس بثالث غيرهما، وفي عكسه يفيد أن الله تعالى ثالثهما لا غيره، وكم بين العارتين.

الحديث الثاني عن البراء رضي الله عنه:

قوله: ((ومن الغد)) أي بعضه، أي أسرينا ليلتنا وبعض الغد، وهو من وادي: ((علفته تبنا وماء بارداً)) إذ الإسراء لا يكون إلا بالليل، وإنما ذكر ((ليلتنا)) ليدل به على أن الإسراء كان قد وقع طوال الليلة.

وقوله: ((قائم الظهيرة)) نه: أي قيام الشمس وقت الزوال، من قولهم: قامت به دابته، أي وقفت، والمعنى أن الشمس إذا بلغت وسط السماء أبطأت حركة الظل إلى أن تزول فيحسب الناظر المتأمل أنها قد وقفت وهي سائرة لكن سيراً لا يظهر له أثر سريع كما يظهر قبل الزوال وبعده، فيقال لذلك الوقوف المشاهد: قام قائم الظهيرة.

قوله: ((فرفعت لنا صخرة)) أي أظهرت، ومنه رفع الحديث وهو إذاعته وإظهاره.

قوله ((لم يأت عليها شمس)) بحيث يذهب بظلها، يعني كان ظلها ممدوداً ثابتاً.

قوله: ((وأنا أنفض ما حولك)) نه: أي أحرسك وأطواف هل أرى طلباً، يقال: نفضت المكان واستنفضته إذا نظرت جميع ما فيه، والنفضة بفتح الفاء وسكونها النفيضة قوم يبعثون متجسسين هل يرون عدواً أو خوفاً.

قوله: ((في قعب)) هو بفتح القاف قدح من خشب مقعر.

<<  <  ج: ص:  >  >>