الله صلى الله عليه وسلم الناس، فانطلقوا حتى نزلوا بدراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((هذا مصرع فلان)) ويضع يده على الأرض هاهنا وهاهنا قال: فما ماط أحدهم عن موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
٥٨٧٢ - وعن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو في قبة يوم بدر:((اللهم أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن تشأ لا تعبد بعد اليوم)) فأخذ أبو بكر بيده فقال:
ــ
قال القاضي عياض عن بعض أهل اللغة: صوابه كسر الباء. قال: وكذا قيده شيوخ حديث أبي ذر في البخاري.
واتفقوا على أن الراء ساكنة إلا ما حكاه القاضي عن الأصيلي بإسكانها وفتحها، وهذا غريب ضعيف.
والغماد: بكسر الغين المعجمة وضمها لغتان مشهورتان، وأهل الحديث على ضمها واللغة على كسرها، وهو موضع من وراء مكة بخمس ليال بناحية الساحل.
وقيل: بلد يماني.
وقيل: موضع بأقصى هجر.
قوله:((فم ماط أحدهم)) يريد ما بعد.
الحديث الخامس عن ابن عباس رضي الله عنهما:
قوله:((أنشدك عهدك)) تو: يقال: نشدت فلاناً أنشده نشداً إذا قلت له: نشدتك الله، أي سألتك بالله، وقد يستعمل في موضع السؤال.
والعهد هاهنا بمعنى الأمان، يريد: أسألك أمانك وإنجاز وعدك الذي وعدتنيه بالنصر، فإن قيل: كان النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بالله وقد علم أن الله سبحانه وتعالى لم يكن ليعده وعدا فيخلفه فما وجه هذا السؤال؟.
قلنا: الأصل الذي لا يفارق هذا العلم هو أن الدعاء مندوب إليه علم الداعي حصول المطلوب أو لم يعلم، ثم إن العلم بالله يقتضي الخشية منه، ولا ترفع الخشية من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بما أوتوا ووعدوا من حسن العاقبة، فيجوز أن يكون خوفه من مانع ينشأ من قبله أو من قبل أمته فيحبس عنهم النصر الموعود، ويحتمل أنه وعد بالنصر ولم يعين له الوقت، وكان على وجل من تأخر الوقت فتضرع إلى الله تعالى لينجز له الوعد في يومه ذلك.