الشعير، حتى جعلنا اللحم في البرمة، ثم جئت النبي صلى الله عليه وسلم فساررته، فقلت: يا رسول الله؟ ذبحنا بهيمة لنا، وطحنت صاعاً من شعير، فتعالى أنت ونفر معك، فصاح النبي صلى الله عليه وسلم:((يا أهل الخندق! إن جابراً صنع سوراً فحي هلا بكم)) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تنزلن برمتكم ولا تخبزن عجينكم حتى أجيء)). وجاء، فأخرجت له عجيناً، فبصق فيه وبارك، ثم عمد إلى برمتنا فبصق وبارك، ثم قال:((ادعي خابزة فلتخبز معك، واقدحي من برمتكم، ولا تنزلوها)) وهم ألف، فأقسم بالله لأكلوا حتى تركوه وانحرفوا، وإن برمتنا لتغط كما هي، وإن عجيننا ليخبز كما هو. متفق عليه.
ــ
في قوله:((فساررته)) جواز المسارة بالحاجة بحضرة الجماعة، وإنما المنهي أن يتناجى اثنان دون الثالث. كما سبق.
و ((السور)) بضم السين غير مهموز هو الطعام الذي يدعى إليه، وقيل: الطعام مطلقاً، وهي لفظة فارسية، وقد تظاهرت أحاديث صحيحة بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم بالألفاظ الفارسية وهو يدل على جوازه.
وأما:((حي هلا)) فهو بتنوين ((هلا)) وقيل: بلا تنوين على وزن ((علا)).
ويقال:((حيهل)) ومعناه عليكم بكذا أو أودعكم بكذا.
والبرمة: القدر مطلقاً، وجمعها: برام، وهي في الأصل المتخذ من الحجر.
قوله:((فبصق)) ((مح)): هو بالصاد هكذا هو في أكثر الأصول، وفي بعضها بالسين وهي لغة قليلة.
قوله:((وقدحي من برمتكم)) تو: يقال: قدحت المرق أي غرفته، ومنه المقدح وهو المغرفة، سلك بالخطاب مسلك التلوين فخاطب به ربة البيت.
أقول: لعل في نسخته: ((فلتخبز معي)) بالإضافة إلى ياء المتكلم كما هو في بعض نسخ المصابيح، فحمله على ما ذهب إليه.
قال الشيخ محيي الدين: جاء في بعض الأصول: ((ادعي)) على خطاب المؤنث، وهو الصحيح الظاهر، ولهذا قال: " ((فلتخبز معك)) وفي بعضها ادعوا بالواو، أي اطلبوا، وفي بعضها: ادع- انتهى كلامه.
ويعلم منه أن ((معي)) لم يرد بها رواية، وإذا ذهب إلى ((ادعي معك)) لم يكن من تلوين الخطاب في شيء.