فقالت: الله ورسوله أعلم، فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة معه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((هلمي يا أم سليم! ما عندك)) فأتت بذلك الخبز، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ففت، وعصرت أم سليم عكة فأدمته، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ما شاء الله أن يقول، قم قال:((ائذن لعشرة)) فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال ((ائذن لعشرة)) فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال:((ائذن لعشرة)) فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا. ثم قال ((ائذن لعشرة)) فأكل القوم كلهم وشبعوا، والقوم سبعون أو ثمانون رجلاً. متفق عليه.
ــ
قوله:((سؤراً)) تو: هو بالهمزة أي بقية.
فإن قيل: كيف تستقيم هذه الروايات من صحابي واحد، ففي إحداها يقول:((وترك سؤراً)) وفي الأخرى يقول: ٠٠فجعلت أنظر هل نقص من شيء؟)) وفي الثالثة يقول:((ثم أخذ ما بقى فجمعه ... الحديث))؟.
قلنا: وجه التوفيق فيهن هين بين وهو أن نقول: إنما قال: ((وترك سؤراً))، باعتبار أنهم كانوا يتناولون منه فما فضل منهم سماه سؤراً وإن كان بحيث يحسب أنه لم ينقص منه شيء، وأراد بذلك ما فضل عنهم بعد أن فرغوا منه.
وقيل: أخبر في الأولى أنه دعا فيه بالبركة، وفي الثانية يحكيه على ما وجده عليه بعد الدعاء وعوده إلى المقدار الذي كان عليه قبل التناول، والثالثة لا التباس فيها على ما ذكرناه.
قوله:((الله ورسوله أعلم)) مح: فيه منقبة عظيمة لأم سليم ودلالة على عظم دينها ورجحان عقلها، تعني أنه صلى الله عليه وسلم قد عرف قدر الطعام فهو أعلم بالمصلحة ولو لم يعلم المصلحة لم يفعلها.
وإنما أذن لعشرة عشرة ليكون أرفق بهم، فإن القصعة التي فيها الطعام لا يتحلق عليه أكثر من عشرة إلا بضرر يلحقهم لبعدها عنهم.
وقوله:((فأذمته)) أي جعلت باق العكة إداماً للمفتوت.
الحديث الأربعون عن أنس رضي الله عنه:
قوله:((ثلاثمائة)) منصوب على أنه خبر لكان المقدر.
و ((زهاء ثلاثمائة)) أي قدر ثلاثمائة من زهوت القوم إذا حزرتهم.
الحديث الحادي والأربعون عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: