وبقي فيها شيء من ماء. ثم قال:((احفظ علينا ميضأتك؛ فسيكون لها نبأ)) ثم أذن بلال بالصلاة، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم صلى الغداة، وركب وركبنا معه، فانتهينا إلى الناس حين امتد النهار وحمى كل شيء، وهم يقولون: يا رسول الله! هلكنا وعطشنا، فقال:((لا هلك عليكم)) ودعا بالميضأة فجعل يصب، وأبو قتادة يسقيهم، فلم يعد أن رأى الناس ماء في الميضأة تكابوا عليها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أحسنوا الملأ، كلكم سيروي)) قال: ففعلوا، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب وأسقيهم، حتى ما بقي غيري وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صب فقال لي:((اشرب)) فقلت: لا أشرب حتى تشرب يا رسول الله! فقال: ((إن ساقي القوم آخرهم)) قال: فشربت وشرب، قال: فأتى الناس الماء جامين رواء. رواه مسلم هكذا في ((صحيحه))، وكذا في ((كتاب الحميدي)). و ((جامع الأصول)). وزاد في ((المصابيح)) بعد قوله: ((آخرهم)) لفظة: ((شرباً)).
ــ
قال المازني عن أبي عبيدة: يقال لكرام القوم ملأ، ثم يقولون: ما أحسن ملأه أي خلقه، وإنما قيل للكرام: ملأ، لأنهم يتمالئون، أي يتعاونون.
قوله:((فأتى الناس الماء)) الفاء سببية، أي فحصل للناس عن آخرهم مما جرى ما راموا من الري مستريحين.
تو:((جامين)) أي مستريحين، قد ذهب عنهم إعياؤهم، من الجمام بالفتح وهو الراحة، وأكثر ما يستعمل ذلك في الفرس.
و ((رواء)) بالكسر جمع راو وهو الذي روى من الماء.
الحديث الثالث والأربعون عن أبي هريرة رضي الله عنه:
قوله:((خذوا في أوعيتكم)) أي صبوا في أوعيتكم آخذين، أو: خذوا صابين في أوعيتكم.
وقوله:((بهما)) يجوز أن تكون الباء فيه سببية أو استعانة أو حالا، وقد جيء بالجملة استطراداً بالشهادتين واستبشاراً للأمة.
حسن: احتج البخاري في النهد في الطعام وفي جواز قسم ما يكال ويوزن مجازفة وقبضة قبضة بهذا الحديث.
قوله:((غير شاك)) مرفوع صفة ((عبد)).
وقوله:((فيحجب)) مرفوع عطفاً على الجملة السابقة، والنفي منصب عليهما معاً.