في صحبته وماله أبو بكر- وعند البخاري: أبا بكر- ولو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا تبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي
ــ
مظ: وفيه أوجه:
الأول: أن تكون ((من)) زائدة على مذهب الأخفش.
وقيل:((إن)) هاهنا بمعنى نعم كما في جواب قوله: لعن الله ناقة حملتني إليك، قال: إن وصاحبها. فقوله:((أبو بكر)) مبتدأ، و ((من أمن الناس)) خبره.
وقيل: اسم ((إن)) ضمير الشأن.
تو: يريد أن من أبذلهم وأسمحهم من من عليه منا لا من من عليه منة، إذ ليس لأحد أن يمتن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إنه ورد مورد الأحماد، وإذا حمل على معنى الامتنان عاد ذماً على صاحبه لأن المنة تهدم الصنيعة.
و ((الخوخة)) كوة في الجدار تؤدي الضوء.
وقال الليث: ناس من أهل اللسان يسمون هذا الباب الذي يسميه العرب، المحترف ((خوخة))، فعلى هذا الخوخة مر بين بيتين أو دارين ينصب عليه باب.
وكان هذا القول منه صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه آخر خطبة خطبها، ولا خفاء بأن ذلك تعريض بأن أبا بكر هو المستخلف بعده.
وهذه الكلمة إن أريد بها الحقيقة فذلك لأن أصحاب المناازل اللاصفة بالمسجد قد جعلوا من بيوتهم مخترقاً يمرون فيه إلى المسجد، أو كوة ينظرون منها إليه، فأر بسد جملتها سوى خوخة أبي بكر تكريماً له بذلك أولاً، ثم تبينها للناس في ضمن ذلك على أمر الخلافة حيث جعله مستحقاً لذلك دون الناس.
وإن أريد به المجاز فهو كناية عن الخلافة، وسد أبواب المقالة دون التطرق إليه والتطلع عليها، وأرى المجاز فيه أقوى إذ لم يصح عندنا أن أبا بكر كان له منزل بجنب المسجد وإنما كان منزله بالسنح من عوالي المدينة، ثم إنه مهد المعنى المشار إليه وقرره بقوله:((ولو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلا)) ليعلم أنه أحق الناس بالنيابة عنه، وكفانا من الحجة على هذا التأويل تقديمه إياه في الصلاة وإباؤه كل الإباء أن يقف غيره ذلك الموقف والله أعلم.
قوله:((لاتخذت أبا بكر خليلاً)) قض: الخليل الصاحب الواد الذي يفتقر إليه ويعتمد في الأمور عليه، فإن أصل التركيب للحاجة، والمعنى لو كنت متخذاً من الخلق خليلاً أرجع إليه في الحاجات وأعتمد عليه في المهمات لاتخذت أبا بكر، ولكن الذي ألجأ إليه وأعتمد عليه في جملة الأمور ومجامع الأحوال هو الله تعالى، وإنما سمي إبراهيم عليه السلام خليلاً من الخلة