للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٠٣٦ - وعن سعد بن أبي وقاص، قال: استأذن عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نسوة من قريش يكلمنه ويستكثرنه، عالية أصواتهن، فلما استأذن عمر قمن فبادرن الحجاب، فدخل عمر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك، فقال: أضحك الله سنك يا رسول الله! فقال الله صلى الله عليه وسلم: ((عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب)) قال عمر: يا عدوات أنفسهن! أتهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقلن: نعم؛ أنت أفظ وأغلظ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إيه يا بن

ــ

فالمراد بالمحدث: الملهم المبالغ فيه الذي انتهى إلى درجة الأنبياء في الإلهاء فالمعنى: لقد كان فيما قبلكم من الأمم أنبياء ملهمون من قبل الملأ الأعلى، فإن يكن في أمتي أحد هذا شأنه فهو عمر، جعله لانقطاع قرينه وتفوقه على أقرانه في هذا كأنه تردد هل هو نبي أم لا؟ فاستعمل إن، يؤيده ما ورد في الفصل الثاني: ((لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب)) فلو في هذا الحديث بمنزلة إن على سبيل الفرض والتقدير كما في قول عمر رضي الله عنه: ((نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه)).

الحديث الثاني عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه:

قوله: ((ويستكثرونه)) مح: أي يطلبن منه النفقات الكثيرة.

قال القاضي عياض في قوله: ((عالية أصواتهن)) يحتمل أن هذا قبل النهي عن رفع الصوت فوق صوته صلى الله عليه وسلم.

ويحتمل أن علو أصواتهن إنما كان لاجتماعهن في الصوت لا أن كلام كل واحدة بانفراده أعلى من صوته صلى الله عليه وسلم.

قوله: ((أنت أفظ وأغلظ)) لم يرد بذلك مزيد الفظاظة والغلظة لعمر رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كان حليماً مواسياً رقيق القلب في الغاية، بل المبالغة في فظاظة عمر رضي الله عنه مطلقاً.

قوله: ((إيه)) تو: هو اسم يسمى به الفعل، لأن معناه الأمر، تقول للرجل إذا استزدته من حديث أو عمل: ((إيه)) بكسر الهاء، فإن وصلت نونت وقلت: ((إيه حدثنا) وإذا أسكته وكففته قلت: ((إيها عنا)) ومن حقه في هذا الحديث أن يكون: ((إيها)) أي اكفف يا بن الخطاب عن هذا الحديث، ورواه البخاري في كتابه مجروراً منوناً والصواب: ((إيها)) وروى مسلم هذا الحديث في جامعة وليس لهذه الكلمة في روايته ذكر.

أقول: معنى قول عمر: ((أتهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟)) أي أتوقرنني ولا توقرن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>