الخطاب! والذي نفسي بيده ما لقيت الشيطان سالكاً فجا قط إلا سلك فجاً غير فجك)) متفق عليه. وقال الحميدي: زاد البرقاني بعد قوله: يا رسول الله: ما أضحك.
٦٠٣٧ - وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طلحة، وسمعت خشفة، فقلت: من هذا؟ فقال: هذا بلال، ورأيت قصراً بفنائه جارية، فقلت: لمن هذا؟ فقالوا: لعمر بن الخطاب، فأردت أن أدخله فأنظر إليه فذكرت غيرتك)) فقال [عمر]: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! أعليك أغار؟. متفق عليه.
ــ
حس: هو من قولهم: هبت الرجل إذا وقرته وعظمته، يقال: هب الناس يهابوك، أي وقرهم يوقروك- انتهى كلامه-.
ولا شك أن الأمر بتوقير رسول الله صلى الله عليه وسلم مطلوب لذاته يجب الاستزادة منه فكان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إيه) استزادة منه في طلب توقيره وتعظيم جانبه، ولذلك عقبه بقوله:((والذي نفسي بيده .. الخ)) فإنه يدل على استرضاء ليس بعده استرضاء، إحماداً منه صلى الله عليه وسلم لفعاله كلها لاسيما هذه الفعلة.
قوله:((ما لقيك الشيطان سالكاً)) تو: فيه تنبيه على صلابته في الدين واستمرار حاله على الجد الصرف والحق المحض، حتى كان بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم كالسيف الصارم والحسام القاطع إن أمضاه مضى وإن كفه كف، فلم يكن له على الشيطان سلطان إلا من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان هو كالوازع بين يدي الملك فلهذا كان الشيطان ينحرف عن الفجر الذي سلكه، ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم رحمة مهداة إلى العالمين مأموراً بالعفو عن المذنبين، معنياً بالصفح عن الجاهلين لم يكن ليواجههم فيما لا يحمده من فعل مكروه أو سوء أدب بالفظاظة والغلظة والزجر البليغ، إذ لا يتصور الصفح والعفو مع تلك الخلال، فلهذا تسامح هو فيها واستحسن استشعارهن الهيبة من عمر رضي الله عنه.
مح: هذا الحديث محمول على ظاهره وأن الشيطان متى رآه سالكاً فجا هرب لرهبته من عمر رضي الله عنه، وفارق ذلك الفج لشدة بأسه.
قال القاضي عياض: ويحتمل أنه ضرب مثلاً بالشيطان وإغوائه وأن عمر رضي الله عنه فارق سبيل الشيطان وسلك طريق السداد وخالف ما يأمره به.