٦٠٤٥ - وعن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((اللهم أعز الإسلام بأبي جهل ابن هشام، أو بعمر بن الخطاب)) فأصبح عمر، فغدا على النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم، ثم صلى في المسجد ظاهرا. رواه أحمد، والترمذي [٦٠٤٥].
ــ
وقيل: هي ما كانوا يسكنون إليه من الآيات التي أعطيها موسى عليه السلام، والأشبه بحديث عمر أنه تكون هي الصورة المذكورة.
أقول: لعله إنما حمله على هذا القول لما أثبت للسكينة النطق، لكن ما ذهب إليه الشيخ التوربشتي أولاً أولى فهو يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون إسناداً مجازياً وذلك أن نزول السكينة لما كان سبباً لنطقه بالحق أسنده إليها.
وثانيهما: أن يكون استعارة مكنية، شبه السكينة بمتكلم يفصح عن الحق تشبيهاً بليغاً كما تقرر في موضعه، ثم خيل لها ما به قوام المتكلم في الإفصاح من النطق ونسب إليه لتكون قرينة بالغة لإرادة الحقيقة.
ونظيره في الوجهين قوله تعالى:{ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم} الكشاف: الذكر الحكيم القرآن، وصف بوصفه من هو بسببه أو كأنه ينطق بالحكمة لكثرة حكمه. انتهى كلامه. يعني الضمير في الحكم راجع إلى القرآن. فإسناد الحكيم إليه مجازي وذلك أن قائله لما كان حكيماً وصف بصفته، أو شبه القرآن بالشخص الذي ينطق بالحكمة فأثبت له النطق على الاستعارة المكنية، فإن قلت: ما محل قوله على لسان عمر وما موقعه؟. قلت: محله الحال، وموقعه موقع الترشيح من الاستعارة كما في قول من قال:
جلالك يا خير الملوك مساعياً على منبر المجد المؤثل خاطب
وقول الآخر:
على منبر العلياء جدك يخطب وللبلدة العذراء سيفك يخطب
الحديث الثالث عن ابن عباس رضي الله عنهما:
قوله:((اللهم أعز الإسلام)) أي قوه وانصره كقوله تعالى: {فعززنا بثالث} أي فقويناه, يقال: المطر يعزز الأرض إذا لبدها وشدها، وتعزز لحم الناقة.