٢٩١ - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء)). رواه مسلم. [٢٩١]
ــ
وانتصابهما علي الحال. ويحتمل أن يكون ((غراً)) مفعولاً ثانياً ليدعون، كما يقال: فلان يدعى ليثاً، فالمعنى أنهم يسمون بهذا الاسم لما يرى عليهم من آثار الوضوء. والمعنى هو الأول، يدل عليه قوله صلوات الله عليه:((يأتون يوم القيامة غراً محجلين))؛ لأنهما العلامة الفارقة بين هذه الأمة وبين سائر الأمم.
أقول: لا تبعد التسمية باعتبار الوصف الظاهر، كما يسمى رجل به حمرة بأحمر؛ للمناسبة بين الاسم والمسمى، وهو أظهر؛ لأن القصد هو الشهرة والتمييز في الأصل المستعار منه، وقد ضرب بهما مثلاً في المعاني، قال مروان بن أبي حفصة:
تشابه يوماه علينا فأشكلا فما نحن ندري أي يوميه أفضل
أيوم نداه الغمر أم يوم بأسه .... وما منهما إلا أغر محجل
قوله:((أن يطيل غرته)) أي غسل غرته، بأن يوصل الماء من فوق الغرة إلي تحت الحنك طولا، ومن الأذن إلي الأذن عرضاً.
الحديث العاشر عن أبي هريرة: قوله: ((تبلغ الحلية من المؤمن)) ضمن ((تبلغ)) معنى تتمكن، وعدى بمن، أي تتمكن من المؤمن الحلية مبلغاً يتمكنه الوضوء منه. قال أبو عبيد: الحلية هاهنا التحجيل يوم القيامة من أثر الوضوء.
((مح)): وقد اعترض بعض الحفاظ من ذلك علي أبي عبيد، وقال: لو حمل علي قوله تعالي: {يحلون فيها من أساور} لكان أولي. وهو غير مستقيم، إذ لا مرابطة بين الحلية والحلي؛ لأن الحلية السيماء، والحلي التزين. ويمكن أن يجاب عنه بأنه مجاز عن ذلك. ((نه)): يقال: حليته أحليه تحلية إذا ألبسته الحلية، وجمعها حلي، كلحية ولحي، وربما ضم، وتطلق الحلية علي الصفة أيضاً. (مح) وقد استدلوا بالحديث علي أن [الوضوء] من خصائص هذه الأمة- زادها الله تعالي شرفاً وقال آخرون: ليس الوضوء مختصاً، وإنما المختص الغرة والتحجيل، واحتجوا بقوله صلوات الله عليه:((هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي)). وأجيب بأنه حديث ضعيف معروف الضعف، ولو صح لاحتمل أن تكون الأنبياء اختصت بالوضوء دون أممهم إلا هذه الأمة.