ثم سارها، فبكت بكاء شديداً، فلما رأى حزنها سارها الثانية، فإذا هي تضحك، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها عما سارك؟ قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره، فلما توفي قلت: عزمت عليك بمالي من الحق لما أخبرتني. قالت: أما الآن فنعم؛ أما حين سارني في الأمر الأول فإنه أخبرني. ((إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة، وإنه عارضني به العام مرتين، ولا أرى الأجل إلا قد اقترب، فاتقي الله واصبري فإني نعم السلف أنالك)) فبكيت، فلما رأى جزعي سارني الثانية قال:((يا فاطمة! ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين)). وفي رواية: فسارني فأخبرني أنه يقبض في وجعه، فبكيت، ثم سارني فأخبرني أني أول أهل بيته أتبعه، فضحكت. متفق عليه.
٦١٣٩ - وعن المسور بن مخرمة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني)). وفي رواية:((يريني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها)). متفق عليه.
ــ
و ((أزواج النبي صلى الله عليه وسلم)) نصب على النداء أو على الاختصاص، أو تفسير للضمير المبهم على تقدير أعني.
قوله:((لما أخبرتني)) ((لما)) فيه بمعنى إلا، يعني ما أطلب منك إلا إخبارك إياي بما سارك، ونحوه: أنشدك بالله إلا فعلت.
قوله:((يعارضني القرآن)) ((نه)) أي يدارسني جميع ما نزل من القرآن، من المعارضة والمقابلة ومنه: عارضت الكتاب بالكتاب أي قابلته به.
قوله:((أنالك)) أنا مخصوص بالمدح، ولك بيان، كأنه لما قيل: نعم السلف أنا، قيل: لمن قيل لك.
الحديث الخامس عن المسور رضي الله عنه:
قوله:((بضعة مني)) ((نه)) البضعة بالفتح القطعة من اللحم، وقد تكسر، أي أنها جزء مني كما أن القطعة من اللحم.
قوله:((يريبني ما أرابها)) ((حس)): رابني الشيء وأرابني بمعنى شككني وأوهمني، فإذا استيقنته قلت بغير ألف، معناه: يسوؤني ما يسوؤها، ويزعجني ما أزعجها، وأول الحديث قال المسور: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر: إن بني [هاشم] بن المغيرة استأذنوني في أن ينكحوا علي بن أبي طالب ولا آذن ثم آذن إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم، فإنما هي بضعة مني يريبني ... الحديث.