للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦١٨٨ - وعن عائشة، قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أريتك في المنام ثلاث ليال، يجيء بك الملك في سرقة من حرير، فقال لي هذه امرأتك، فكشفت عن وجهك الثوب، فإذا أنت هي فقلت: إن يكن هذا من عند الله يمضه)). متفق عليه.

٦١٨٩ - وعنها، قالت: إن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة، يبتغون

ــ

الحديث الرابع والخامس عن عائشة رضي الله عنها:

قوله: ((في سرقة)) أي في قطعة من جيد الحرير، والجمع سرق.

قوله: ((إن يكن هذا عند الله يمضه)) هذا الشرط مما يقوله المتحقق لثبوت الأمر المدل بصحته تقريراً لوقوع الجزاء وتحققه، ونحوه قول السلطان لمن تحت قهره: إن كنت سلطاناً انتقمت منك، أي السلطنة مقتضية للانتقام.

مح: قال: القاضي عياض: إن كانت هذه الرؤيا قبل النبوة، وقبل تخليص أحلامه صلى الله عليه وسلم من الأضغاث فمعناه: إن كانت رؤيا حق، وإن كانت بعد النبوة فلها ثلاثة معان:

أحدها: المراد إن تكن الرؤيا على وجهها وظاهرها لا تحتاج إلى تعبير وتفسير يمضه الله وينجزه، فالشك عائد إلى أنها رؤيا على ظاهرها أم تحتاج إلى تعبير وصرف عن ظاهرها.

وثانيها: أن المراد إن كانت هذه الزوجية في الدنيا يمضها الله تعالى فالشك أنها زوجه في الدنيا أم في الجنة.

وثالثها: أنه لم يشك ولكن أخبر على التحقيق وأتى بصورة الشك، وهو نوع من البديع عند أهل البلاغة يسمونه تجاهل العارف، وسماه بعضهم مزج الشك باليقين.

أقول: هذا هو الذي حققناه فيما سبق وكان من توارد الخواطر.

قوله: ((فكشفت عن وجهك)) يحتمل وجهين:

أحدهما: كشفت عن وجه صورتك فإذا أنت الآن تلك الصورة.

ثانيهما: كشفت عن وجهك عند ما شاهدتك فإذا أنت مثل الصورة التي رأيتها في المنام، وهو تشبيه بليغ حيث حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وحملها عليها، كقوله تعالى: {هذا الذي رزقنا من قبل} ومنه مسألة الكتاب: (كنت أظن العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا هو هي) أي فإذا الزنبور مثل العقرب، فحذف الأداة مبالغة فحصل التشابه، وإليه يلمح في الآية: {وأتوا بها متشابها} ومعنى المفاجأة في إذا يساعد هذا الوجه.

الحديث السادس عن عائشة رضي الله عنها:

قوله: ((يتحرون)) هو الرواية وفي بعض نسخ المصابيح: ((يتحينون)) وما وجدناه في الأصول.

<<  <  ج: ص:  >  >>