والنصارى كرجل استعمل عمالا فقال: من يعمل إلى نصف النهار على قيراط قيرط؟، فعملت اليهود إلى نصف النهار على قيراط قيراط، ثم قال: من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط؟، فعملت النصارى من نصف النهار
ــ
أما الأولى: فإن شبه الضمير بالتنوين ضعيف فلا يترتب عليه إيجاب ولا منع، ولو منع من العطف عليه لمنع من توكيده والإبدال منه، لأن التنوين لا يؤكد ولا يبدل منه بخلاف الضمير، فالعطف عليه أسوة بهما.
وكذا الثانية: ضعيفة لجواز قوله: رب رجل وأخيه، وقوله: أي فتى هيجاء أنت وجارها، وقولك: زيد وأخوك منطلقان.
ومن مؤيدات الجواز قراءة حمزة:{واتقوا الله الذي يتساءلون به والأرحام} بالخفض.
وجعل الزمخشري ((أشد)) معطوفاً على الكاف والميم من: {فاذكروا الله كذكركم} ولم يجز عطفه على الذكر. والذي ذهب إليه هو الصحيح يعرف بالتأمل.
((حس)): قال الخطابي: يروى هذا الحديث على وجوه مختلفة في توقيت العمل من النهار، وتقدير الأجرة، ففي هذه الرواية قطع الأجرة لكل فريق قيراطاً قيراطاً، وتوقيت العمل عليهم زماناً زماناً، واستيفاؤه منهم، وإيفاؤهم الأجرة.
وفيه قطع الخصومة، وزوال العنت عنهم، وإبراؤهم من الذنب.
وهذا الحديث مختصر، وإنما اكتفى الراوي منه بذكر مآل العاقبة فيما أصاب كل واحدة من الفرق، وقد روى محمد بن إسماعيل هذا الحديث بإسناده عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال:((أوتي أهل التوراة التوراة فعملوا حتى إذا انتصف النهار عجزوا فأعطوا قيراطاً قيراطاً، ثم أوتي أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا إلى صلاة العصر [ثم عجزوا] فأعطوا قيراطاً قيراطاً، ثم أوتينا القرآن فعملنا إلى غروب الشمس فأعطينا قيراطين قيراطين)) الحديث.
فهذه الرواية تدل على أن مبلغ الأجرة لليهود لعمل النهار كله قيرطان، وأجرة النصارى للنصف الثاني قيرطان، فلما عجزوا عن العمل قل تمامه لم يصيبوا إلا قدر عملهم وهو قيراط، ثم إنهم لما رأوا المسلمين قد استوفوا قدر أجرة الفريقين حاسدوهم فقالوا: نحن أكثر عملاً وأقل أجراً.
قوله:((فعملت اليهود إلى نصف النهار)) حالة من حالات المشبه أدخلها في المشبه به وجعلت من حالاته اختصاراً، إذ الأصل، قال الرجل: من يعمل إلى نصف النهار على قيراط قيراط، فعمل قوم إلى نصف النهار ... الخ.