إلى صلاة العصر على قيراط قيراط. ثم قال: من يعمل لي من صلاة العصر إلى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين؟ ألا فأنتم الذين يعملون من صلاة العصر إلى مغرب الشمس، ألا لكم الأجر مرتين، فغضبت اليهود والنصارى فقالوا: نحن أكثر عملاً، وأقل عطاءً! قال الله تعالى: فهل ظلمتكم من حقكم شيئاً، قالوا: لا. قال الله تعالى: فإنه فضلي، أعطيه من شئت)). رواه البخاري.
٦٢٨٤ - وعن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((إن من أشد أمتي لي حباً ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله)) رواه مسلم.
ــ
وكذلك قال الله تعالى للأمم من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط فعملت اليهود ... إلى آخره ونظيره قوله تعالى:{مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً ...} إلى قوله {... ذهب الله بنورهم} فقوله: ((ذهب الله بنورهم)) وصف للمنافقين وضع موضع وصف المستوقد اختصاراً- كذا عن الواحدي.
قوله:((ثم قال: من يعمل لي من نصف النهار)) قال المالكي: تضمن هذا الحديث ((من)) في ابتداء غاية الزمان مراراً وهو مما خفي على أكثر النحويين، فمنعوه تقليداً لسيبويه في قوله: وأما ((من)) فتكون لابتداء الغاية في الأماكن، وأما ((مذ)) فتكون لابتداء غاية الأيام والأحيان، ولا تدخل واحدة منهما على صاحبتها. يعني أن ((مذ)) لا تدخل على الأمكنة ولا ((من)) على الأزمنة، فالأول مسلم بالإجماع، والثاني ممنوع لمخالفته النقل الصحيح والاستعمال الفصيح، ومن الشواهد قوله تعالى:{لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه}.
قوله:((فغضبت اليهود والنصارى)) لعل هذا تخييل وتصوير لا أن ثمة مقاولة ومكالمة حقيقة، اللهم إلا أن يحمل ذلك على حصولها عند أخراج الذر فتكون حقيقة.
وقوله:((فإنه)) الضمير واقع موقع اسم الإشارة، والمشار إليه قوله:((الأجر مرتين)) إنما لم يكن ظلماً لأنه تعالى شرط معهم شرطاً وقبلوا أن يعملوا به، وكان فضله مع النصارى على اليهود شرطاً في زمان أقل من زمانهم مع أنهما في الأجرة متساويان، وأما المسلمون فمدة عملهم أقل مع ضعف الأجرة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
الحديث الثاني عن أبي هريرة رضي الله عنه:
قوله:((لو رآني بأهله وماله)) ((مظ)): الباء في ((بأهله)) باء التعدية، كما في قولهم: بأبي أنت وأمي، يعني يتمنى أحدهم أن يكون مفدياً بأهله وماله لو اتفق رؤيتهم إياي ووصلوهم إلي.