الفصل الثالث
٦٢٨٧ - عن جعفر، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أبشروا وأبشروا، إنما مثل أمتي كمثل الغيث، لا يدري آخره خير أم أوله، أو كحديقة أطعم منها فوج عاماً، ثم أطعم منها فوج عاماً، لعل آخرها فوجاً أن يكون أعرضها عرضاً وأعمقها
ــ
تشابه يوماه علينا فأشكلا فما نحن ندري أي يوميه أفضل؟
أيوم بداءة العمر أم يوم يأسه؟ وما منهما إلا أغر محجل
ومعلوم أن يوم بداءة العمر أفضل من يوم يأسه، لكن البدء لما لم يكن يكمل ويستتب إلا باليأس أشكل عليه الأمر فقال ما قال، وكذلك أمر المطر والأمة.
الفصل الثالث
الحديث الأول عن جعفر الصادق:
قوله: ((أو كحديقة)) ((أو)) هذه مثلها في قوله تعالى: {أو كصيب من السماء} في أنها مستعارة للتساوي في غير الشك، كقولك: جالس الحسن أو ابن سيرين، يريد أنهما سيان في استصواب أن يجالسا.
معناه: إن كيفية صورة أمتي مشتبهة بكيفية المطر والحديقة، وأنهما سواء في استقلال كل واحدة منهما بوجه التمثيل، فأيتهما مثلتها فأنت مصيب، وإن مثلتها بهما جميعاً فكذلك.
فإن قلت: أي فرق بين التمثيلين؟
قلت: شبهت الأمة في التمثيل الأول بالمطر في نفع الناس بالهدى والعلم.
وبالثاني بالاستنفاع من علم الرسول صلى الله عليه وسلم وهداه، وإنباته الكلأ والعشب الكثير، وحصول [الإخاذات] ثم انتفاع الناس منهما بالرعي والسقي، وهو المعنى بالفوج الذي أطعم من الحديقة عاماً.
والحديقة: كل ما أحاط به البناء من البساتين وغيرها.
وقوله: ((أن يكون)) خبر لعل، وأدخل فيه ((أن)) تشبيها لـ ((لعل)) بـ ((عسى))، واسم ((يكون)) يحتمل أن يكون ضميراً عائداً إلى آخرها، وأعرضها خبره.
ووصف الأمة بالطول والعرض والعمق باعتبار ملابستها بالحديقة، وأن يكون: ((أعرضها)) صفة موصوف محذوف واسم ((يكون)) والخبر مقدر، أي: تكون الحديقة أعرضها عرضاً له، إن روي مرفوعاً.