٣٩٤ - وفي المتفق عليه: قيل لعبد الله بن زيد بن عاصم: توضأ لنا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا بإناء، فأكفأ منه علي يديه، فغسلهما ثلاثاً، ثم أدخل يده فاستخرجها، فمضمض واستنشق من كف واحدة، ففعل ذلك ثلاثاً، ثم أدخل فاستخرجها فغسل وجهه ثلاثاً، ثم أدخل يده فاستخرجها فغسل يديه إلي المرفقين مرتين مرتين ثم أدخل يده فاستخرجها، فمسح برأسه، فأقبل بيديه وأدبر، ثم غسل رجليه إلي الكعبين، ثم قال هكذا كان وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي رواية: فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدم رأسه، ثم ذهب بهما إلي قفاه، ثم ردهما حتى رجع إلي المكان الذي بدأ منه، ثم غسل رجليه.
ــ
أيا جبلي النعمان بالله خليا طريق الصبا يخلص إلي نسيمها
أجد بردها، أو يشف مني حرارة علي كبد لم يبق إلا صميمها
فإن الصبا ريح إذا ما تنسمت علي قلب محزون تجلت همومها
أشار الشيخ بالجبلين إلي الشيطان والنفس الأمارة.
روى محيي الدين عن القاضي عياض: يحتمل بيتوتة الشيطان في الخياشيم أن يكون علي الحقيقة؛ فإن الأنف أحد المنافذ التي يتوصل منها إلي القلب، لاسيما وليس من منافذ الجسم ما ليس عليه غلق، سواه وسوى الأذنين. وفي الحديث:((إن الشيطان لا يفتح غلقاً)) وجاء في التثاؤب الأمر بكظمه من أجل دخول الشيطان حينئذ في الفم. ويحتمل أن يكون علي الاستعارة، فإنما ينعقد من الغبار ورطوبة الخياشيم قذر يوافق الشيطان.
قوله:((فأكفأ)) ((نه)): يقال: كفأت الإناء إذا كببته، وإذا أملته، ((ثم أدخل يده)) أي في الإناء، ((ثم استخرجها)) أي يده من الإناء مع الماء، وفيه إشارة إلي أنه قبل غسل اليدين ما أدخلهما فيه، بل أكفأ الماء عليهما، وعند غسل الرجلين صب الماء عليهما. وفيه أيضاً أن الماء بعد إدخاله اليد في المرة الثانية بقى علي طهارته وطهوريته غير مستعمل، اللهم إلا أن يقال: إنه نوى جعل اليد آله له.، ومذهب مالك أن المستعمل في الحدث طهور، وكرهه مع وجود غيره لأجل الخلاف، وكذا الحكم عنده في الماء القليل تحله النجاسة ولم تغيره. قال أبو حامد في الإحياء: كنت أود أن مذهب الشافعي كمذهب مالك في أن الماء وإن قل فلا ينجس إلا بالتغير، إذ الحاجة ماسة إليه، ومثار الوساوس اشتراط القلتين، ولأجله شق علي الناس ذلك وهو لعمري