للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسها الماء، فقال رسول صلى الله عليه وسلم: ((ويل للأعقاب من النار، أسبغوا الوضوء)) رواه مسلم.

ــ

والثاني صفة ((ماء)) أي كنا نازلين بماء كائن في طريق مكة، و ((تعجل)) بمعنى استعجل كقوله تعالي: {فمن تعجل في يومين} يعني طلبوا تعجيل الوضوء عند فوات العصر، فتؤضئوا عاجلين، كقوله تعالي: {إذا قمتم إلي الصلاة فاغسلوا} أي إذا أردتم القيام إلي الصلاة فاغسلوا. وقوله: ((ويل لهم)) مبتدأ وخبر، كقولك: سلام عليك. قال أبو القاء: {فويل للذين يكتبون} ابتداء وخبر، ولو نصب لكان له وجه علي أن يكون التقدير: ألزمهم الله ويلا، واللام للتبيين؛ لأن الاسم لم يذكر قبل المصدر، والويل مصدر لم يستعمل منه فعل؛ لأن فاءه وعينه معتلتان. و ((العقب)) ما أصاب الأرض من مؤخر الرجل إلي موضع الشراك.

((نه)) الويل الحزن، والهلاك، والمشقة من العذاب، وكل من وقع في هلكة دعا بالويل، وخص ((العقب)) بالعذاب لأنه العضو الذي يغسل، فالتعريف فيه للعهد. وقيل: أراد صاحب العقب، حذف المضاف. وإنما قال ذلك لأنهم كانوا لا يستقصون علي أرجلهم في الوضوء.

قال محيي الدين: في هذا الحديث دلالة علي وجوب غسل الرجلين، وأن المسح لا يجزئ وعليه جمهور الفقهاء في الأعصار والأمصار، وقالوا أيضاً: لا يجب المسح مع الغسل، وهو مذهب أبي داود، ولم يثبت خلاف هذا من أحد يعتد به في الإجماع. وقالت الشيعة: الواجب مسحهما. وإن من وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواطن مختلفة وعلي صفات متعددة متفقون علي غسل الرجلين، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((ويل للأعقاب من النار)) وعيد وتهديد عظيم لمن لم يستكمل الغسل، فهو دليل الوجوب، وقد صح من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: ((أن رجلاً قال: يا رسول الله! كيف الطهور. فدعا بماء فغسل كفيه ثلاثاً- إلي أن قال- ثم غسل رجليه ثلاثاً، ثم قال: ((هكذا الوضوء، فمن زاد علي هذا أو نقص فقد أساء وظلم)) وهذا حديث صحيح أخرجه أبو داود وغيره بالأسإنيد الصحيحة- انتهي كلامه.

وذهبت الشيعة إلي أنه يمسح علي الرجلين؛ لقوله تعالي: {وامسحوا برءوسكم

<<  <  ج: ص:  >  >>