٣٩٩ - وعن المغيرة بن شعبة، قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلي العمامة وعلي الخفين. رواه مسلم.
٤٠٠ - عن عائشة، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله: في طهوره وترجله وتنعله. متفق عليه.
ــ
الحديث السابع عن المغيرة: قوله: ((فمسح بناصيته)) ((قض)): اختلفوا في المسح علي العمامة، فمنعه أبو حنيفة- رضي الله عنه- ومالك مطلقاً، وجوز الثوري، وأحمد، وداود الاقتصار علي مسحها، إلا أن أحمد اعتبر أن يكون التعمم علي طهر كلبس الخف. وقال الشافعي: لا يسقط الفرض بالمسح عليها؛ لظاهر الآية الدالة علي وجوب إلصاق المسح بالرأس، والأحاديث المعاضدة لها، لكن لو مسح من رأسه ما يطلق عليه اسم المسح، وكان يعسر عليه رفعها، وأمر اليد المبتلة عليها بدل الاستيعاب، كان حسناً.
الحديث الثامن عن عائشة: قوله: ((يحب التيمن)) قال الشيخ محيي الدين: في قوله: ((ما استطاع)) إشارة إلي شدة المحافظة علي التيمن، وهذه قاعدة مستمرة في الشرع، وهي أن ما كان من باب التكريم والتشريف كلبس الثوب، والسراويل، والخف، ودخول المسجد، [والسواك]، والاكتحال، وتقليم الأظفار، وقص الشارب، وترجيل الشعر- وهو مشطه- ونتف الإبط، وحلق الرأس، والسلام من الصلاة، وغسل أعضاء الطهارة، والخروج من الخلاء، والأكل، والشرب، والمصافحة، وغير ذلك مما هو في معناه- يستحب التيامن فيه، وأما ما كان بضده كدخول الخلاء، وخروج المسجد، والامتخاط، والاستنجاء، وخلع الثوب، والسراويل، والخف، وما أشبه ذلك- فيستحب فيه التياسر، وذلك كله لكرامة اليمين وشوفها. وأجمع العلماء علي أن تقديم اليمين علي اليسار من اليدين والرجلين في الوضوء سنة، لو خالفها فاته الفضل.
أقول: قوله: ((في طهوره، وترجله، وتنعله)) بدل من قوله: ((في شأنه)) بإعادة العامل، ولعله صلى الله عليه وسلم إنما بدأ فيها بذكر الطهور لأنه فتح لأبواب الطاعات كلها. فبذكره يستغنى عنها، كما سبق في قوله:((الطهور شطر الإيمان))، وثنى بذكر الترجل وهو يتعلق بالرأس، وثلث بالتنعل وهو مختص بالرجل؛ ليشمل جميع الأعضاء والجوارح، فيكون كبدل الكل من الكل.