٤٣١ - وعن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الماء من الماء)). رواه مسلم.
قال الشيخ الإمام محيي السنة، رحمه الله: هذا منسوخ.
ــ
وقيل: رجلاها وشفراها، ولذلك كنى عنها بالشعب. ((وجهدها)) جامعها، قال ابن الأعرابي: الجهد- بالفتح- من أسماء النكاح، ولعله كناية مأخوذة من الجهد بمعنى المبالغة. واختلف العلماء في وجوب الغسل بالإيلاج، فذهب جمهور الصحابة ومن بعدهم إلي أن الإيلاج الحشفة في الفرج يوجب الغسل وإن لم ينزل، لهذا الحديث وغيره من الأخبار المعاضدة له، وذهب سعد بن أبي وقاص في آخرين من الصحابة إلي أنه لا يجب الغسل ما لم ينزل. وقال به الأعمش وداود، وتمسكوا بقوله عليه السلام:((الماء من الماء)) أي الاغتسال بالماء من أجل خروج الماء، وذلك يفيد الحصر عرفاً. وأجيب بأنه منسوخ بقول أبي بن كعب:((كان الماء من الماء شيء في أول الإسلام، ثم ترك ذلك بعده، وأمر بالغسل إذا مس الختان الختان)). ورجح التوربشتي التأويل الثاني وقال: لأنه يتناول سائر الهيئات التي يتمكن بها المباشر من إربه، وإذا فسر باليدين والرجلين اختصت بهيئة واحدة.
وإنما عدل إلي الكناية بذكر ((شعبها الأربع)) للاجتناب عن التصريح بذكر الشفرين، ولو أريد به اليدان والرجلان لصرح بها، وقيل: جهدها حفزها ودفعها. وأرى أصل الكلمة من الجهد الذي هو الجد في الأمر، وبلوغ الغاية، وإنما عبر عنه بهذا اللفظ المبهم تنزهاً عن التفوه بما يفحش ذكره صريحاً ما وجد إلي الكناية سبيلاً، إلا في صورة تدعو الضرورة إلي التصريح علي ما ذكر في حديث ماعز بن مالك وغيره، لتعلق الحد بذلك، وقد اعتمد في هذا الحديث علي فهم المخاطبين، فعبر عنه بالجهد، والمراد منه التقاء الختإنين، عرفنا ذلك لحديث عائشة رضي الله عنها حيث سألها أبو موسى رضي الله عنها عن ذلك، فروت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل)). وهو حديث صحيح حسن.
الحديث الثاني، والثالث عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((إنما الماء من الماء)) أحد المائين هو المني، والآخر هو الغسول الذي يغتسل به، أي وجوب الاغتسال بالماء من أجل خروج الماء الدافق، وقد صح أنه منسوخ. ((تو)): قول ابن عباس: إنما الماء من الماء)) في الاحتلام؛ فإنه قول قاله من طريق التأويل والاحتمال، ولو انتهي الحديث بطوله إليه لم يكن ليأوله هذا التأويل، وذلك أن أبا سعد الخدري رضي الله عنه قال:((خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين إلي قباء حتى إذا كنا في بني سالم وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم علي باب عتبان، فصرخ به، فخرج يجر إزاره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعجلنا الرجل، فقال عتبان: يا رسول الله! أرأيت الرجل يعجل عن امرأته ولم يمن، ماذا عليه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الماء من الماء)). وهو حديث صحيح أخرجه مسلم في كتابه.