٤٣٢ - وقال ابن عباس: إنما الماء من الماء، وفي الاحتلام. رواه الترمذي، ولم أجده في ((الصحيحين)).
٤٣٣ - وعن أم سلمة، قالت أم سليم: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله لا يستحي من الحق؛ فهل علي المرأة من غسل إذا احتلمت؟ قال:((نعم، إذا رأت الماء)). فغطت أم سلمة وجهها، وقالت: يا رسول الله! أو تحتلم المرأة؟ قال:((نعم، تربت يمينك، فبم يشبهها ولدها؟!)). متفق عليه. [٤٣٣]
ــ
الحديث الرابع عن أم سلمة: قوله: ((إن الله لا يستحيي)) ((تو)): أي لا يمتنع منه، ولا يتركه ترك الحيي منا، قالته اعتذاراً عن تصريحها بما ينقبض عنه النفوس البشرية لاسيما بحضرة الرسالة، أي أن الله تعالي بين لنا أن الحق ليس مما يستحي منه، وسؤالها هذا كان منا لحق الذي ألجأ الضرورة إليه، وقالت عائشة:((نعم النساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين)).
قوله:((أو تحتلم المرأة)) في الصحيحين وكتاب الحميدي وجامع الأصول بغير الهمزة، وفي نسخ المصابيح بالهمزة.
قوله:((تربت يمينك)) ترب الشيء- بالكسر- أصابه التراب، ومنه: ترب الرجل أي افتقر، كأنه لصق بالتراب. وقد ذكر أبو عبيد اختلاف أهل العلم في معنى أمثال هذه الكلمة، وذلك يتعلق باختلاف مواضع الاستعمال، مثل قولهم للرجل: قاتله الله ما أفطنه وما أعقله، والآخر: قاتله الله ما أخبثه، فقولهم هذا علي معنى الدعاء عليه والدم له، والأول علي معنى المدح والتعجب من فطنته وعقله، وذلك يقع موقع قولك: لله دره. وقوله صلى الله عليه وسلم:((تربت يمينك)) كلمة لم يرد بها الدعاء عليها، وإنما خرجت مخرج التعجب من سلامة صدرها، وقوله:((فبم يشبهها ولدها)) ((قض)): هذا استدلال علي أن لها منياً كما للرجل مني، والولد مخلوق منها، إذ لو لم يكن لها ماء وكان الولد من مائه المجرد لم يكن يشبهها؛ لأن الشبه بسبب ما بينهما من المشاركة في المزاج الأصلي المعين المعد لقبول التشكلات والكيفيات المعينة من مبدعه تبارك وتعالي، فإن غلب ماء الرجل ماء المرأة وسبق نزع الولد إلي جانبه، ولعله يكون ذكراً، وإن كان بالعكس نزع الولد إلي جانبها، ولعله يكون أثنى، قوله:((فمن أيهما)) ((من)) فيه زائدة، فالمعنى أي المائين سبق يكون منه الشبه.