٤٦٢ - وعن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وجهوا هذه البيوت عن المسجد، فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب)). رواه أبو داود [٤٦٢].
٤٦٣ - وعن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة ولا كلب ولا جنب)). رواه أبو داود، والنسائي [٤٦٣].
ــ
القرآن، إلا طرف آية، والأحسن أن يتطهر الجنب والحائض لذكر الله تعالي، فإن لم يجدا ماءاً فتيمماً.
الحديث الرابع، الخامس عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((وجهوا)) ((الجوهري)): الوجه والوجهة بمعنى، والهاء عوض من الواو، والمواجهة المقابلة، ووجهت وجهي لله، فعدى في الحديث ((بعن)) الدلالة علي معنى الصرف، يقال: وجه عنه، أي صرف عنه، ووجه إليه، أي أقبل. وفي إيراد اسم الإشارة إشارة إلي تحقير تلك البيوت، وتعظيم شأن المساجد، أي لا يصح ولا يستقيم أن تكون المساجد ممراً لتلك البيوت، وقوله:((فإني لا أحل)) إلي آخره بيان للوصف الذي يرد علي الحكم السابق، وعلة له، ولذلك وضع المسجد مقام الضمير.
((حس)): لا يجوز للجنب ولا للحائض المكث في المسجد، وبه قال الشافعي وأصحاب أبي حنيفة، وجوز الشافعي المرور فيه، وبه قال مالك، وجوز أحمد والمزني المكث أيضاً، وأولوا {عابري سبيل} بالمسافرين يصيبهم الجنابة فيتيممون ويصلون. وقال ابن الحاجب في تفريعة: الجنابة تمنع دخول المسجد وإن كان عابراً علي الأشهر- انتهي كلامه. وفسروا {عابري سبيل} بالمسافرين.
وأقول: الوجه أن يقدر مضاف، ويفسر {عابري سبيل} بالمار في المسجد، و {إلا} بمعنى ((غير)) صفة لـ {جنباً}، أي لا تقربوا مواضع الصلاة جنباً غير عابري سبيل، فيدل المفهوم علي جواز مرور الجنب في المسجد، فعلي هذا يحسن العطف بقوله:{وإن كنتم مرضي أو علي سفر} عليه لكونه في معنى الشرط، أي لا تقربوا موضع الصلاة إن كنتم مجنيين حتى تغتسلوا، وإن كنتم مرضي إلي آخره، فيطابق ما في المائدة:{وإن كنتم جنباً فاطهروا وإن كنتم مرضي} الآية. فإن السابق في كليهما في شأن الواجدين للماء غير معذورين، واللاحق فيهما في المعذورين.
الحديث السادس عن علي رضي الله عنه قوله:((لا تدخل الملائكة)) الشارحون: المراد بـ ((الملائكة)) الملائكة النازلون بالبركة والرحمة، الذين يطوفون علي العباد للزيارة واستماع الذكر، دون الكتبة؛ فإنهم لا يفارقون المكلفين طرفة عين في أحوالهم السيئة والحسنة؛ لقوله تعالي:{ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}، وقوله عليه الصلاة والسلام: ((فإن معكم من لا