وفي رواية لمسلم، قال: لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب)). قالوا: كيف يفعل يا أبا هريرة)) قال: يتناوله تناولاً.
ــ
وسكونه. ((قض)): ((الذي لا يجري)) صفة ثإنية تؤكد الأولي، و ((ثم يغتسل فيه)) عطف علي الصلة، وترتيب الحكم علي ذلك يشعر بأن الموجب للمنع أنه يتنجس به، فلا يجوز الاغتسال به، وتخصيصه بالدائم يفهم منه أن الجاري لا يتنجس إلا بالتغير.
أقول: لعله امتنع من العطف علي ((يبولن)) وارتكب هذا [التعسف] للاختلاف بين الإنشائي والإخباري، والمعنى عليه أظهر فيكون ((ثم)) مثل الواو في ((لا تأكل السمك وتشرب اللبن)) عطف الاسم علي الفعل علي تأويل الاسم، أي لا يكن منك أكل السمك وشرب اللبن، أي لا تجمع بينهما؛ لأن الاغتسال في الماء الدائم وحده غير منهي، أو مثل الفاء في قوله تعالي:{ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي}، أي لا يكن من أحد البول في الماء الموصوف ثم الاغتسال فيه، فـ ((ثم)) استبعادية، أي يبعد من العاقل الجمع بين هذين الأمرين. فإن قلت: علام تعتمد في نصب ((يغتسل)) حتى يتمشى لك هذا المعنى؟ قلت: إذا قوى المعنى لا يضر الفرع؛ لأنه حينئذ من باب:[أحضر الوغى].
((مح)): الرواية ((يغتسل)) مرفوع، أي لا تبل ثم أنت تغتسل، وذكر أبو عبد الله بن مالك أنه يجوز جزمه عطفاً علي موضع ((يبولن)) ونصبه بإضمار ((أن))، وإعطاء ((ثم)) حكم واو الجمع، قال: أما النصب فلا يجوز؛ لأنه يقتضي أن المنهي عنه الجمع بينهما دون إفراد أحدهما، وهذا لم يقله أحد، بل البول فيه منهي عنه، سواء أريد الاغتسال منه أم لا. أقول: في قوله: ((أما النصب فلا يجوز)) نظراً؛ لما جاء في التنزيل:{ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق} والواو للجمع، والمنهي هنا الجمع والإفراد، بخلاف قولهم: لا تأكل السمك وتشرب اللبن.
((مظ)): وجه النهي عن البول في الماء الواقف أن الماء إن كان دون القلتين يتنجس، وإن كان قلتين فلعله يتغير فيتنجس، وإلا فيتنجس بسبب تعاقب الناس عليه بالبول تأسياً بفعله.
((حس)): وفيه دليل علي أن الجنب إذا أدخل يده فيه لتناول الماء لا يتغير به حكم الماء، وإن أدخل فيه ليغسلها من الجنابة تغير الحكمة. ((وفي رواية لمسلم)) أي لمسلم روايتين: إحداهما متفق عليها، وثإنيتهما هذه.