٤٧٥ - وعن جابر. قال: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبال في الماء الراكد. رواه مسلم.
٤٧٦ - وعن السائب بن يزيد، قال: ذهبت بي خالتي إلي النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إن ابن أختي وجع. فمسح رأسي، ودعا لي بالبركة ثم توضأ، فشربت من وضوئه، ثم قمت خلف ظهره، فنظرت إلي خاتم النبوة بين كتفيه مثل زر الحجلة. متفق عليه.
ــ
((قض)): ((لا يغتسل أحدكم في الماء وهو جنب)) وتقييد الحكم بالحال يدل علي أن المستعمل في غسل الجنابة إذا كان راكداً لا يبقى علي ما كان، وإلا لم يكن للنهي المقيد فائدة، وذلك إما بزوال الطهارة كما قاله أبو حنيفة، أو بزوال الطهورية كما قال الشافعي في الجديد.
((مح)): هذا النهي في بعض المياه للتحريم، وفي بعضها للكراهة، فإن كان الماء كثيراً جارياً لم يحرم البول فيه؛ لمفهوم الحديث، ولكن الأولي اجتنابه. وإن كان قليلاً جارياً، فقيل: يكره، والمختار أنه يحرم؛ لأنه ينجسه. وإن كان كثيراً راكداً فقال أصحابنا: يكره ولا يحرم، ولو قيل: يحرم لم يكن بعيداً؛ فإن النهي يقتضي التحريم علي المختار، إذ ربما أدت إلي تنجسه بالإجماع لتغيره، أو إلي تنجسه عند أبي حنيفة ومن وافقه في أن الغدير الذي يتحرك طرفه بتحرك الطرف الآخر ينجس بوقوع نجاسة فيه، وأما الراكد القليل فقد أطلق جماعة من أصحابنا أنه مكروه، والصواب المختار أنه يحرم البول فيه؛ لأنه ينجسه. قال أصحابنا وغيرهم: التغوط في الماء كالبول فيه وأقبح.
الحديث الثاني، والثالث عن السائب بن يزيد: قوله: ((وجع)) الوجع المرض، وجع فلان يوجع [وينجع] وياجع فهو وجع، أي مريض. وقوله:((فشربت من وضوئه)) ((قض)): يجوز أن يكون المراد به فضل وضوئه، وأن يكون المراد ما انفصل من أعضاء وضوئه، وعلي هذا يكون دليلاً علي طهارة المستعمل، وللمانع أن يحمله علي التداوي. ((وخاتم النبوة)) أثر كان بين كتفيه، نعت به في الكتب المتقدمة، وكان علامة يعلم بها أنه النبي الموعود المبشر به في تلك الكتب، وصيانة لنبوته عن تطرق التكذيب والقدح إليها، صيانة الشيء المستوثق بالختم.
قوله:((زر الحجلة)) ((تو)): الرواية بتقديم الزاي المنقوطة علي الراء المهملة المشددة، و ((الحجلة)) - بتحريك الجيم- قيل: إن المراد به واحد الأزرار التي يشد بها حجال العرائس من الكلل والستور، وهذا بعيد من طريق البلاغة، قاصر في التشبيه والاستعارة، ثم إنه لا يلائم الأحاديث المروية في خاتم النبوة. وقيل: إن المراد منه بيضة الحجلة، وهي القبجة، وهذا القول يوافق الأحاديث الواردة في هذا الباب، غير أن الزر بمعنى البيضة لم يوجد في كلام العرب.