٤٧٧ - عن ابن عمر، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الماء يكون في الفلاة من الأرض وما ينوبه من الدواب والسباع، فقال:((إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث)).
ــ
وقيل: إنما هو ((رز)) بتقديم الراء المهملة، مأخوذ من قولهم: رزت الجرادة، وهو أن تدخل ذنبها في الأرض لتلقى بيضها، وهذا أشبه بما في الحديث، إلا أن الرواية لم تساعده، والذي ينصر القول الثاني ما رواه الترمذي في كتابه عن جابر بن سمرة:((كان خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين كتفيه غدة حمراء مثل بيضة الحمامة)).
أقول: في قوله: ((قاصر عن التشبيه والاستعارة)) نظر؛ لأن الاستعارة هي ذكر أحد طرفي التشبيه، والمراد به الطرف الآخر، وهاهنا الطرفان مذكوران، فلا يكون استعارة، ولا يجب في التشبيه أن يكون المشبه موافقاً للمشبه به في جميع الأوصاف، فيكفي في ((خاتم النبوة)) أن يكون شيئاً ناتئاً من الجسد، له نوع مشابهة بزر الحجلة، كما في قوله تعالي:{إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب}، فإن خلقه من تراب بيان لما شبه به عيسى بآدم، وآدم مخلوق من تراب حقيقة، وعيسى مخلوق منه حقيقة بوسائط كثيرة، وقول ابن المعتز:
كأن البرق مصحف قار فانطباقاً مرة وانفتاحاً
ولم ينظر إلي شيء من أوصاف المشبه والمشبه به سوى الهيئة من انقباض بعد انبساط.
الفصل الثاني:
الحديث الأول عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((وما ينوبه)) مجرور عطف علي سبيل البيان، نحو: أعجبني زيد وكرمه، ناب المكان وانتابه، إذا تردد إليه مرة بعد مرة، ونوبة بعد نوبة.
((خط)): وفيه دليل علي أن سؤر السباع نجس، وإلا لم يكن لمسألتهم عنه ولا لجوابه إياهم بهذا الكلام معنى، وذلك لأن المعتاد من طباع السباع إذا وردت المياه أن تخوض فيها وتبول، وقلما تخلو أعضاؤها من لوث أبوالها ورجيعها.
((قض)): ((القلة)) الجرة التي يستقي بها، سميت بذلك لأنها تقل باليد. وقيل:((القلة)) ما يستقله البعير، وفي تقدير القلتين بالأمناء خلاف، فقيل: خمسمائة رطل، وقيل: ستمائة، وقيل: خمسمائة من، وسند جميع ذلك مذكور في الكتب الفقهية، فليطلب منها. والحديث بمنطوقه يدل علي أن الماء إذا بلغ قلتين لم ينجس بملاقاة النجاسة، فإن قوله:((لم يحمل)) معناه لم يقبل،