رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، والدارمي، وابن ماجه. وفي أخرى لأبي داود:((فإنه لا ينجس)). [٤٧٧]
٤٧٨ - وعن أبي سعيد الخدري، قال: قيل يا رسول الله! أنتوضأ من بئر بضاعة- وهي بئر يلقى فيها الحيض، ولحوم الكلاب، والنتن؟ - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)). رواه أحمد، والترمذي، وأبو داود، والنسائي [٤٧٨].
ــ
كما يقال: فلان لا يحتمل ضيماً إذا امتنع عن قبوله، ودفع عن نفسه، وذلك إذا لم يتغير بها، فإن تغير بها كان نجساً، لقوله صلى الله عليه وسلم:((خلق الماء طهوراً لا ينجسه شيء إلا ما غير طعمه أو ريحه)). وبمفهومه علي أن ما دونه ينجس بملاقاة النجاسة وإن لم يتغير؛ لأنه صلى الله عليه وسلم علق عدم التنجس ببلوغه قلتين، والمعلق بشرط عدم عند عدمه، فيلزم تغاير الحالتين في التنجس وعدمه، والمفارقة بين الصورتين حال التغير منتفية إجماعاً، فتعين أن يكون حين ما لم يتغير، وذلك ينافي عموم الحديث المذكور، فمن قال بالمفهوم وجوز تخصيص المنطوق به كالشافاعي خصص عمومه به، فيكون كل واحد من الحديثين مخصصاً للآخر، ومن لم يجوز ذلك لم يلتفت إليه، وأجرى الحديث علي عمومه، كمالك فإنه قال: لا ينجس الماء إلا بالتغير قل أو كثر.
((مظ)): الماء الكثير عندنا قدر قلتين، وعند أبي حنيفة الكثير هو الغدير العظيم الذي لو حرك أحد جوانبه لم تتحرك الجوانب الأخر. أقول: قوله: ((لم يحمل)) يحتمل أنه لضعفه لم يحمله، ولقوته لم يقبل، ويرحج الثاني الرواية الثانية:((فإنه لا ينجس)).
الحديث الثاني عن أبي سعيد: قوله: ((من بئر بضاعة)) ((تو)): بضاعة دار بني ساعدة بالمدينة، وهم بطن من الخزرج، وأهل اللغة يضمون الباء ويكسرونها، والمحفوظ في الحديث الضم، و ((الحيض)) جمع حيضة- بكسر الحاء- الخرقة التي تستسفرها المرأة في المحيض، و ((النتن)) الرائحة الكريهة، والمراد هاهنا الشيء المنتن، كالعذرة، والجيفة. ووجه معنى ((يلقى فيها)) أن البئر كانت بمسيل من بعض الأودية التي يحل بها أهل البادية، فتلقى تلك القاذورات بأفنية منازلهم،