للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٨٠ - وعن أبي زيد، عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ليلة الجن: ((ما في إداوتك؟)) قال: قلت: نبيذ. قال: ((تمرة طيبة وماء طهور)). رواه أبو داود، وزاد أحمد، والترمذي: فتوضأ منه. [٤٨٠]

وقال الترمذي: أبو زيد مجهور.

ــ

الطهور اسم للماء الذي يتطهر به، ولا يجوز إلا أن يكون طاهراً في نفسه، مطهراً لغيره؛ لأن عدولهم عن صيغة فاعل إلي فعول أو فعيل لزيادة معنى؛ لأن اختلاف الأبنية لاختلاف المعإني، فكما لا يجوز التسوية بين صابر وصبور، وشاكر وشكور، كذلك في طاهر وطهور، والشيء إذا كان طاهرا في نفسه لا يجوز أن يكون من جنسه ما هو أطهر منه، حتى يصفه بطهور لزيادة، وإذا نقلنا الطاهر إلي طهور لم يكن إلا لزيادة معنى، وذلك المعنى ليس إلا التطهير.

فإن قيل: بناء الطهور من: طهر يطهر طهارة، وهو لازم، فكيف يجوز تعديته بتطهير غيره؟ قلنا: النظر في هذه اللفظة أدى إلي أن فيه معنى التطهير؛ لأنه لا يجوز إطلاقه علي الماء الذي ليس بمطهر، لأن العرب لا تسمى الشيء الذي لا يقع به التطهير طهوراً، فمن هذا الوجه يجب أن يعلم، لا من التعدي واللزوم.

أقول: وكان من ظاهر الجواب عن سؤاله أن يقال: نعم، فأطنب وزاد في الجواب، وأخرج الجملتين مخرج الحصر، حيث عرف [خبريهما]، يعني ماء البحر لسعته وغزارته حكمه حكم سائر المياه في طهوريته، وحل ميتته، لا يتجاوز إلي النجاسة والحرمة، فاعلم هذا الجواب بأن الزيادة علي ما يقتضي الحال ذكره من شأن الهادي المرشد، والحكيم العارف بالأدواء والدواء.

((حس)): في الحديث فوائد: منها أن التوضؤ بماء البحر يجوز مع تغير طعمه ولونه، ومنها أن الطهور هو المطهر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم سئل عن تطهير ماء البحر لا عن طهارته، ولولا أنهم عرفوه من الطهور لكان لا يزول إشكالهم بقوله: ((هو الطهور ماؤه)). وقيل: الطهور ما يتكرر منه التطهير، كالصبور والشكور، وهو قول مالك، جوز الوضوء بالماء المستعمل. ومنها أن حكم جميع حيوان البحر إذا ماتت سواء في الحل؛ لقوله تعالي: {أحل لكم صيد البحر}. ((مظ)): الحوت حلال: والضفدع حرام بالاتفاق، والسرطان حرام في أصح القولين، وكذلك ما يعيش في الماء والبر، فأما ما لا يعيش في البر ففيه ثلاثة أقوال، ثالثها ما يؤكل شبيهه في البر حلال، وما لا فحرام.

<<  <  ج: ص:  >  >>