٥٣٠ - عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الصعيد الطيب وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشره، فإن ذلك خير)). رواه أحمد، والترمذي، وأبو داود. [٥٣١]
وروى النسائي نحوه إلي قوله:((عشر سنين)).
٥٣١ - وعن جابر، قال: خرجنا في سفر، فأصاب رجلاً منا حجر فشجه في رأسه، فاحتلم، فسأل أصحابه: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ قالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر علي الماء. فاغتسل فمات. فلما قدمنا علي النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك. قال:((قتلوه، قتلهم الله؛ ألا سألوا إذا لم يعلموا! فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم، ويعصب علي جرحه خرقة، ثم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده)). رواه أبو داود. [٥٣١]
ــ
الفصل الثاني
الحديث الأول عن أبي ذر: قوله: ((وضوء المسلم)) الوضوء- بفتح الواو- الماء، وفي الكلام تشبيه، أي الصعيد الطيب كالماء في الطهارة. ((وإن لم يجد الماء عشر سنين)) مبالغة لا تحديد، وهذا من الشرط الذي يقطع عنه جزاؤه لمجرد المبالغة، و ((فليمسه)) - بضم الياء وكسر الميم- مضارع أمس البشر، والبشرة وجه الجلد. ((مظ)): ليس معنى ((فإن ذلك خير)) أن الوضوء والتيمم كلاهما جائز عند وجود الماء لكن الوضوء خير، بل المراد منه أن الوضوء واجب عند وجود الماء، ولا يجوز التيمم، وهذا نظير قوله تعالي:{أصحاب الجنة يومئذ خير مستقراً وأحسن مقيلا}، مع أنه لا خير ولا حسن لمستقر أصحاب النار ومقيلهم.
الحديث الثاني عن جابر: قوله: ((فشجه في رأسه)) أي أوقع الشج فيه، نحو: يجرح في عراقبها نصل. وكذا قوله:((خرجنا في سفر)). قوله:((ألا سألوا)) ((ألا)) حرف تحضيض دخل علي الماضي فأفاد التنديم، و ((إذا)) ظرف فيه معنى التعليل، ويدل علي رواية ((إذا)) والفاء للتسبيب، و ((العي)) عدم الضبط والبيان، يقال: عي بالأمر وتعي به إذا لم يضبطه، وعايا صاحبه معاياة إذا ألقى عليه كلاماً أو علماً لا يهتدي لوجهه، استعارة الشفاء لمعنى الإزالة استعارة مصرحة، أو