٥٦٢ - عن أسماء بنت عميس، قالت: قلت: يا رسول الله! إن فاطمة بنت أبي حبيس استحيضت منذ كذا وكذا فلم تصل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((سبحان الله! إن هذا من الشيطان. لتجلس في مركن، فإذا رأت صفارة فوق الماء؛ فلتغتسل للظهر والعصر غسلاً واحداً، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلاً واحداً، وتغتسل للفجر غسلا واحداً وتوضأ فيما بين ذلك)). رواه أبو داود، وقال:[ورواه إبراهيم عن ابن عباس، وهو قول إبراهيم النخعي، وعبد الله بن شداد][٥٦٢]
٥٦٣ - روى مجاهد عن ابن عباس: لما اشتد عليها الغسل، أمرها أن تجمع بين الصلاتين. [٥٦٣]
ــ
وأيسر من ذلك علي قدر الاستطاعة، هذا معنى قول الخطابي: لما رأي النبي صلى الله عليه وسلم قد طال عليها، وقد جهدها الاغتسال لكل صلاة رخص لها في الجمع بين الصلاتين بغسل واحد، كالمسافر رخص له في الجمع بين الصلاتين؛ لما يلحقه من مشقة السفر. وذهب إلي إيجاب الغسل عليها عند كل صلاة علي، وابن مسعود، وابن الزبير، وبعض العلماء رضوان الله عليهم أجمعين. وذهب ابن عباس إلي الجمع بين الصلاتين بغسل واحد.
((شف)): مذهب ابن عباس أشبه بهذا الحديث، ومذهب علي رضي الله عنه أقرب وأليق بالفقه. وأقول: السنة أحق أن تتبع، فإنه صلى الله عليه وسلم بعث بالحنيفية السهلة السمحة، روينا عن عائشة رضي الله عنها:((ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثماً)) متفق عليه. وإثبات النونات في قوله:((أن تؤخرين وتعجلين)) وغيرهما في مواقع ((أن)) المصدرية منقول علي ما هو مثبت في كتب الأحاديث، مع أن توجيه إثباتها متعسر، اللهم إلا أن يتحمل ويقال: إن هذه هي المخففة من الثقيلة، وضمير الشأن مقدر، والله أعلم.
الفصل الثالث
الحديث الأول عن أسماء: قوله: ((فإذا رأت صفارة)) أي إذا زالت الشمس وقربت من العصر ترى فوق الماء شعاع الشمس شبه صفارة؛ لأن شعاعها حينئذ يتغير ويقل، فيضرب إلي الصفرة، وأما حديث مواقيت الصلاة وقت العصر فمعناه تصفر اصفراراً كاملاً، والعلم عند الله تعالي.