فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((سآمرك بأمرين، أيهما صنعت أجزأ عنك من الآخر، وإن قويت عليهما فأنت أعلم)). قال لها:((إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان، فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله، ثم اغتسلي، حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت؛ فصلي ثلاثاً وعشرين ليلة، أو أربعاً وعشرين ليلة، وأيامها، وصومي؛ فإن ذلك يجزئك. وكذلك فافعلي كل شهر كما تحيض النساء وكما يطهرن، ميقات حيضهن وطهرهن. وإن قويت علي أن تؤخرين الظهر وتعجلين العصر، فتغتسلين وتجمعين بين الصلاتين الظهر والعصر وتؤخرين المغرب وتعجلين العشاء. ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين؛ فافعلي وتغتسلين مع الفجر فافعلي؛ وصومي إن قدرت علي ذلك)). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((وهذا أعجب الأمرين إلي)). رواه أحمد؛ وأبو داود؛ والترمذي. [٥٦١]
ــ
((قض)): ((أو)) في ((أو سبعة أيام)) ليس للتخييرـ ولا لشك الراوي، بل العددان لما استويا في أنهما غالب العادات ردها الشارع إلي الأوفق منهما، كعادات النساء المماثلة لها في السن المشاركة لها في المزاج بسبب القرابة والسكن. و ((في علم الله)) أي فيما أعلمك الله، أو في علمه الذي بينه للناس وشرعه لهم. والظاهر أنها كانت مبتدأة، فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي غالب عادة النساء، وهو الست أو السبع.
قوله:((وكذا فافعلي) شبه بقية الأشهر في الحيض والطهر بهذا الشهر المنعوق ثم شبه حالها فيما ذكر بحال سائر النساء في أوقات حيضهن وطهرهن، فقال:((كما تحيض النساء)) أي افعلي مثلما ذكرت لك من أن تحيضي ستة أو سبعة، كما تفعل النساء في ميقات حيضهن، وكذا فافعلي ما ذكرت لك من أن تغتسلي فصلي ثلاثاً وعشرين ليلة وأيامها، كما تفعله النساء في ميقات طهرهن. وفي الكلام تشبيهان، ولف ونشر مرتان، هذا أحد الأمرين المذكورين في الحديث، وثإني الأمرين قوله:((وإن قويت)) إلي آخره، بدليل قوله:((هذا أعجب الأمرين إلي)).
فإن قلت: فما معنى قوله أولاً: ((وإن قويت عليهما)) وثإنياً: ((وإن قويت علي أن تؤخرين الظهر))؟ قلت: لما خيرها بين الأمرين بمعنى: إن قويت علي المرين بما تعلمين من حالك وقتك فاختاري أيهما شئت، ووصف أحد الأمرين، [رأي عجزها] عن الاغتسال لكل صلاة قال لها: دعي ذلك إن لم تقوي عليه، ((وإن قويت علي أن تؤخري الظهر)) إلي آخره، ويفهم من قوله:((وإن قويت علي أن تؤخرين)) أنها إن عجزت عنه أيضاً نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم لها إلي أسهل