٥٦٦ - وعن ابن مسعود قال: إن رجلاً أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأنزل الله تعالي:{وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات} فقال الرجل: يا رسول الله! ألي هذا؟ قال:((لجميع أمتي كلهم)) وفي رواية: ((لمن عمل بها من أمتي)). متفق عليه.
ــ
درنه)) قال المالكي: فيه شاهد علي إجراء فعل القول مجرى فعل الظن، والشرط أن يكون فيه فعلاً مضارعاً مسنداً إلي المخاطب متصلا باستفهام. وقوله:((ذلك)) مفعول أول، و ((يبقى)) [ثإني]، و ((ما)) الاستفهامية نصب ((يبقى)) وقدم؛ لأن الاستفهام له صدر الكلام، والتقدير أي شيء تظن ذلك الاغتسال مبقياً من درنه، هذا التقدير علي اللغة المشهورة. وأما سليم فهم يجرون أفعال القول كلها مجرى الظن بلا شرط فيقولون: قلت زياداً منطلقاً ونحو ذلك، وعلي اللغة المشهورة قول النبي صلى الله عليه وسلم:((البر يقولون بهن)) أي البر يظنون ((البر)) مفعول أول، و ((بهن)) مفعول [ثإني]، وهما في الأصل مبتدأ وخبر، و ((من)) في قوله: ((من درنه)) استغراقية زائدة لما دخل في حيز الاستفهام، و ((درنه)) فاعل ((يبقى)) وفيه مبالغة في نفي درن الذنوب ووسخ الآثام؛ ومن ثم ما اكتفوا في الجواب ((بلا)) بل زادوا فيه. والفاء في ((فذلك)) جواب شرط محذوف أي إذا أقررتم ذلك، وصح عندكم فهو مثل الصلوات إلي آخره، ومصداق ذلك قوله تعالي:{أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات} قيل: صلاة الفجر والظهر طرف وصلاة العصر والمغرب طرف، وزلفا من الليل صلاة العشاء الثالث.
الحديث الثالث: عن ابن مسعود: قوله: ((إن رجلا أصاب)) وهو أبو اليسر، روى الترمذي عنه أنه قال:((أتتني امرأة تبتاع تمراً، فقلت: إن في البيت تمراً أطيب منه، فدخلت معي البيت فأهويتها فقبلتها)). و ((هذا)) مبتدأ))، و ((لي)) خبر مقدم، و ((ألي)) حرف الاستفهام لإرادة التخصيص، أي: أختص لي هذا الحكم أو عام لجميع المسلمين، فأجاب بقوله:((لجميع الأمة كلهم)) أي هذا لهم وأنت منهم، فلا يقدر المبتدأ مؤخراً في الجواب؛ لئلا يختل المعنى، إذ يصير التقدير أمختص لجميع المسلمين فهو خلف من القول؛ لأنه لا يقال: مختص بهم، بل يقال: عام فيهم. فإن قلت: أي فرق بين الروايتين؟ قلت: الأولي عامة مخصصة بالدليل، فدلالتها علي المقصورة ظاهرة، والثانية منصوصة فيه، والفاء في ((فأنزل الله)) معطوف علي مقدر أي فأخبره، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلي الرجل، فأنزل الله تعالي يدل علي الحديث الآتي.