٦٢٧ - وعن جندب القسري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلي صلاة الصبح؛ فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإنه يطلبه من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه علي وجهه في نار جهنم)). رواه مسلم. وفي بعض نسخ ((المصابيح)): القشيري بدل القسري.
٦٢٨ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه، لاستهموا؛ ولو يعلموا ما في التهجير، لاستبقوا إليه؛ ولو يعلمون ما في العتمة والصبح، لأتوهما ولو حبوا)). متفق عليه.
ــ
وأما السؤال عنهم وهو أعلم بهم، فتعبد منه للملائكة كما يكتب الأعمال وهو أعلم بالجميع، قال الأكثرون: إن هؤلاء الملائكة هم حفظة الكتاب، وقيل: يحتمل أن يكونوا غيرهم.
وأقول: كرر ((ملائكة)) وجيء بها نكرة؛ دلالة علي أن الثانية غير الأولي. كقوله تعالي:{غدوها شهر ورواحها شهر}. وفي قوله ((يعرج الذين باتوا فيكم)) إيذان بأن ملائكة الليل لا يزالون حافظين العباد إلي الصبح، وكذلك ملائكة النهار إلي الليل، ودليل علي قول الأكثرين.
الحديث الرابع عن جندب (رضي الله عنه): قوله: ((القسري)) هو بفتح القاف وسكون السين المهملة، كذا صححه النواوي. في سائر نسخ المصابيح ((القشيري)) بضم القاف والشين المعجمة وهو غلط. قوله:((فلا يطلبنكم)) من باب أرينكم، هاهنا وقع النهي علي مطالبة الله تعالي إياهم عن نقض العهد، والمراد نهيهم عن التعرض لما يوجب مطالبة الله إياهم، وفيه مبالغات؛ لأن الأصل لا تخفروا ذمته، فجيء بالنهي، كما ترى، وصرح بضمير الله، ووضع المنهي الذي هو مسبب موضع التعرض الذي هو سبب فيه، ثم أعاد الطلب وكرر الذمة، ورتب عليه الوعيد. المعنى من صلي صلاة الصبح فهو في ذمة الله تعالي فلا تتعرضوا له بشيء يسير؛ فإنكم إن تعرضتم له يدرككم الله تعالي ولن يفوته، فيحيط بكم من جوانبكم كما يحيط المحيط بالمحاط، ويكبكم في النار. والضمير في ((ذمته)) يجوز أن يعود إلي الله تعالي وإلي ((من)). وقيل يحتمل أن يكون المراد بالذمة الصلاة المقتضية للأمان، فيكون المعنى لا تتركوا صلاة الصبح فينتقض به العهد الذي بينكم وبين ربكم فيطلبكم به. وإنما خص صلاة الصبح بالذكر؛ لما فيه امن الكلفة والمشقة، وأداؤها مظنة خلوص الرجل، ومنته إيمانه، ومن كان مؤمناً خالصاً فهو في ذمة الله تعالي وعهده.
الحديث الخامس: عن أبي هريرة (رضي الله عنه): قوله: ((لو يعلم الناس)) المعنى لو علموا ما في النداء، والصف الأول من الفضيلة، ثم حاولوا الاستباق إليه- لوجب عليهم ذلك، فوضع