للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٢٩ - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس صلاة أثقل علي المنافقين من الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما، لأتوهما ولو حبوا)). متفق عليه.

ــ

المضارع موضع ما يستدعيه ((لو)) من الماضي؛ ليفيد استمرار العلم، وأنه مما ينبغي أن يكون علي بال منه، وأتى بـ ((ثم)) المؤذنه بتراخي رتبة الاستباق عن العلم، وقدم ذكر ((النداء)) دلالة علي تهيؤ المقدمة الموصلة إلي المقصود الذي هو المثول بين يدي رب العزة فيكون من المقربين، وأطلق مفعول ((يعلم)) يعني ((ما)) ولم يبق أن الفضيلة ما هي ليفيد ضرباً من المبالغة، وأنه مما لا يدخ تحت الحصر والوصف، وكذا تصوير حالة الاستباق بالاستهام فيه من المبالغة حدها؛ لأنه لا يقع إلا في أمر يتنافس فيه المتنافسون، ويرغب فيه الراغبون، ولاسيما إخراجه مخرج الاستثناء والحصر، وليت شعري! بماذا يتشبث ويتمسك من طرق سمعه هذا البيان، ثم يتقاعد عن الجماعة خصوصاً عن الاستباق إلي الصف الأول؟ ولعله يعتذر بأنه خارج من زمرة من سمع وأطاع، فلما فرغ من الترغيب في الاستباق إلي الصف الأول عقبه بالترغيب في إدراك أول الوقت، ولذلك أوجب أن يفسر ((التهجير)) بالتبكير كما ذهب إليه الكثيرون.

((نهظ)): ((التهجير)) التبكير إلي كل شيء والمبادرة إليه، يقال: هجر تهجيراً فهو مهجر، وهي لغة حجازية أراد المبادرة إلي أول وقت الصلاة، ومنه حديث الجمعة: فالمهجر إليها كالمهدي بدنة. ((قض)): لا يقال: الأمر بالإبراد ينافي الأمر بالتهجير والسعي إلي الجماعة بالظهيرة؛ لأنا نمنع ذلك. فإن كثيراً من أصحابنا حمل الأمر به علي الرخصة، فعلي هذا يكون الإبراد رخصة، والتهجير سنة، ومن حمل ذلك علي الندب فله أن يقول: الإبراد تأخير الظهر أدنى تأخير بحيث يقع الظل ولا يخرج بذلك عن حد التهجير؛ فإن المهاجرة تطلق علي الوقت؛ إلي أن يقرب العصر. ((والاستفهام)) الاقتراع، قيل: سمي به لأنها سهام يكتب عليها الأسماء فمن وقع له منها سهم فاز بالحظ المقسوم.

قوله: ((ولو حبوا)) ((نه)): الحيوان يمشي علي يديه وركبتيه أواسته. وحبا البعير إذا برك، ثم زحف من الإحباء، وحبا الصبي إذا زحف علي إليته.

الحديث السادس: عن أبي هريرة (رضي الله عنه): قوله: ((ليس صلاة)) قال المالكي: قد ثبت أن ليس من أخوات كان فيلزم أن يجري مجراها في أن لا يكون اسمها نكرة إلا بمصحح كما يلزم ذلك في الابتداء، ومصححه وقوعه بعد نفي، وإذا جاز وقع اسم كان نكرة محضة بعد نفي كما في قول الشاعر:

إذا لم يكن أحد باقياً فإن التأسي دواء الأسى

فلأن يجوز وقوعه اسم ليس أولي، لملازمتهما النفي. وفي الحديث شاهد علي استعمال ليس

<<  <  ج: ص:  >  >>