٦٣٣ - وعن علي [رضي الله عنه] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق ((حبسونا عن صلاة الوسطى: صلاة العصر، ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً)). متفق عليه.
ــ
أشهر عند العرب من العشاء، وإنما كانوا يطلقونها علي المغرب. وأقول: لعل النهي إنما ورد علي التسمية بها وتداولها بين الناس، والقصد بالذكر في الأحاديث الواردة فيه العتمة هو الوصف والنظر إلي أصل اللغة تحريضاً علي إيقاع صلاة العشاء في وقت الاختيار عند تكامل الظلمة، والله أعلم.
الحديث التاسع: عن علي (رضي الله عنه) قوله: ((يوم الخندق)) هو يوم الأحزاب سنة أربع من الهجرة، وقيل: خمس منها. قوله:((صلاة الوسطى)) كما في رواية البخاري ونسخ المصابيح، وإضافة الصلاة إلي الوسطى كما هي في قوله تعالي:{وما كنت بجانب الغربي} فعند الكوفيين هي من إضافة الموصوف إلي الصفة، والبصريون يقدرون محذوفاً، أي عن الصلاة الوسطى، يعني عن فعل الصلاة الوسطى. واختلفوا في الصلاة الوسطى، قيل: هي العصر، وعليه كثير من الصحابة والتابعين، وذهب إليه أبو حنيفة، وأحمد، وداود (رضي الله عنهم) والحديث نص عليه لبيان الوسطى بصلاة العصر. وقيل: هي الصبح، وعليه بعض الصحابة والتابعين، وذهب إليه مالك، والشافعي (رضي الله عنهما). وقيل: هي الظهر، وقيل: المغرب، وقيل: العشاء. وقال بعضهم: هي إحدى الصلوات الخمس لا بعينها، أبهمها تحريضاً المغرب، وقيل: العشاء. وقال بعضهم: هي إحدى الصلوات الخمس لا بعينها، أبهمها تحريضاً للخلق علي المحافظة علي أداء جميعها، كما أخفي ليلة القدر. وساعة الإجابة في يوم الجمعة.
قوله:((ملأ الله بيوتهم)) ((شف)): خصهما بالذكر لأن أحدهما مسكن الأحياء، والآخر مضجع الأموات، أي جعل الله النار ملازمة لهم بحيث لا تنفك عنهم، لا في حياتهم ولا في مماتهم. أقول: دعا عليهم بعذاب الدارين، من خراب بيوتهم في الدنيا بنهب أموالهم وسبي زراريهم، وهدم دورهم، ومن عقابهم في الآخرة باشتعال قلوبهم ناراً، ووقوع الزجر والنكال في جهنم خالداً. فالأسلوب إما من المشاكلة لذكره النار في البيوت، أو من الاستعارة استعيرت النار للفتنة، وعلي الثاني هو من باب قوله تعالي:{إن الذين يؤذون الله ورسوله} حيث استعمل ملأ في الحقيقة والمجاز مجازاً.