٦٦٧ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المؤذن يغفر له مدى صوته، ويشهد له كل رطب ويابس. وشاهد الصلاة يكتب له خمس وعشرون صلاة، ويكفر عنه ما بينهما)). رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، وروى النسائي: إلي قوله ((كل رطب ويابس))، وقال:((وله مثل أجر من صلي)). [٦٦٧]
٦٦٨ - وعن عثمان بن أبي العاص، قال: قلت: يا رسول الله! اجعلني إمام قومي. قال:((أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم، واتخذ مؤذناً لا يأخذ علي أذانه أجراً)). رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي. [٦٦٨]
ــ
الرمل كالتل الصغير، عبر عن الثواب بكثبان المسك لرفعته وظهور فرحه، وروح الناس من رائحته، لتناسب حال هؤلاء الثلاثة، فإن فائدة أعمالهم متجاوزة إلي الغير. وصف المؤذن بالفعل المضارع تصويراً لفعله، واستحضاراً له في ذهن السامع استعجاباً منه، وخص الإمام بالرضي دون المؤذن لأنه متكفل ومتول للسفارة بينهم وبين الله تعالي بالدعاء، وعليه اعتماد المأموم، تصلح صلاته بصلاح صلاته، وتفسد بفسادها.
الحديث الخامس عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((مدى صوته)) ((نه)): أن المكان الذي ينتهي إليه الصوت لو قدر أن يكون ما بين أقصاه وبين مقام المؤذن ذنوب له تملأ تلك المسافة- لغفر الله له، فيكون هذا تمثلاً.
قوله:((وشاهد الصلاة يكتب له)) عطف علي قوله: ((المؤذن يغفر له)) وفيه إشعار بأن الجملة الثانية مسببة عن الأولي، وأن العطف بيان لحصول الجملتين في الوجود، وتفويض ترتب الثانية علي الأولي موكول إلي ذهن السامع الذكي، وإن كانت متأثرة عن الأولي ومسببة عنها بهذا الاعتبار كذلك الأولي متأثرة عن الثانية باعتبار مضاعفة الثواب، وإليه أشار من قال: يغفر للمؤذن لأن كل من سمع صوته أسرع إلي الصلاة، ثم غفرت خطاياه للصلاة المسببة لندائه، فكأنه لأجل إسراع الشاهد قد غفر للمؤذن، والله أعلم. فالضمير المجرور في ((له)) للشاهد لا للمؤذن كما يظن، ويشهد له حديث أبي هريرة:((صلاة الرجل في الجماعة تضعف علي صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفاً)) والله أعلم.
الحديث السادس عن عثمان رضي الله عنه: قوله: ((واقتد بأضعفهم)) جملة إنشائية عطفت علي: ((أنت إمامهم)) وهي خبرية علي تأويل أمهم، عدل إلي الإسمية دلالة علي الثبات، وأن إمامته قد حصلت وهو صلى الله عليه وسلم يخبر عنه، وفيه من الغرابة أنه جعل المقتدي مقتدياً تابعا، يعني كما أن الضعيف يقتدي بصلاتك فاقتد أيضاً أنت ضعفه، واسلك سبيل التخفيف في القيام والقراءة. ((تو)): إنما ذكره بلفظ الاقتداء تأكيداً للأمر المحثوث عليه؛ لأن من شأن المقتدي أن