للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفصل الثالث

٦٨٧ - عن زيد بن أسلم، قال: عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بطريق مكة، ووكل بلالا أن يوقظهم للصلاة، فرقد بلال ورقدوا حتى استيقظوا وقد طلعت عليهم الشمس، فاستيقظ القوم، وقد فزعوا، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يركبوا حتى يخرجوا من ذلك الوادي، وقال: ((إن هذا واد به شيطان)) فركبوا حتى خرجوا من ذلك الوادي، ثم أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزلوا، ويتوضؤوا، وأمر بلالا أن ينادي للصلاة- أو يقيم -، فصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، ثم انصرف وقد رأي من فزعهم، فقال: ((يا أيها الناس! إن الله قبض أرواحنا، ولو شاء لردها إلينا في حين غر

ــ

الفصل الثالث

الحديث الأول عن زيد بن أسلم: قوله: ((فاستيقظ)) كرره لينيط به قوله: ((وقد فزعوا)) وهو من باب الترديد. كقول الشاعر:

من يلق يوماً علي علاته هرماً يلق السماحة والجود له خلقاً

قوله: ((إن الله قبض أرواحنا)) هذا تسلية للقوم مما فزعوا منه، وأن تلك الغفلة كانت بمشيئة الله، كما أن قول بلال في الحديث السابق: ((أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك)) كان اعتذاراً منه لما غفل ونام. وقوله: ((ولو شاء لردها إلينا في حين غير هذا)) إشارة إلي الموت الحقيقي الذي ينبه عليه قوله تعالي: {فيمسك التي قضي عليها الموت}. وقوله: ((إن الله قبض أرواحنا)) إشارة إلي الموت المجازي في قوله تعالي: {ويرسل الأخرى} أي النفس التي لم تمت في منامها. ويحتمل قوله: ((أو نسيها)) أن يكون شكاً من الراوي، وأن يكون تفريعاً في الحديث، أي غفل عنها بسبب النوم أو نسيها بأمر آخر. وضمن فزع معنى الالتجاء فعدى بإلي أي التجأ إلي الصلاة فزعاً ((نه)): ((فافزعوا إلي الصلاة)) أي الجأوا إليها، واستعينوا بها علي دفع الأمر الحادث.

قوله: ((فإن الشيطان أتى بلالا)) إلي آخر الحديث، فإن قلت: كيف أسند هذه الغفلة ابتداء إلي الله (سبحانه وتعالي) في قوله صلى الله عليه وسلم وقول بلال، ثم أسنده إلي الشيطان ثإنياً؟ قلت: هو من المسألة المشهورة في خلق أفعال العباد وكسبها، وتقريرها إلي الله تعالي أراد خلق النسيان أو النوم فيهم، فمكن الشيطان من اكتساب ما هو جالب للغفلة من الهدوء وغيره. ((نه)): الهدوء

<<  <  ج: ص:  >  >>