ولم يصل حتى خرج منه، فلما خرج ركع ركعتين في قبل الكعبة، وقال:((هذه القبلة)) رواه البخاري.
٦٩٠ - ورواه مسلم عنه، عن أسامة بن زيد.
ــ
البيت، ولا ينسخ بعد اليوم، فصلوا إلي الكعبة أبداً فهي قبلتكم، قال: ويحتمل وجهاً آخر، وهو أنه صلى الله عليه وسلم علمهم السنة في مقام الإمام واستقباله القبلة، من وجه الكعبة دون أركانها وجوانبها الثلاثة، وإن كان الصلاة في جميع جهاتها مجزية.
((قض)): ذهب عامة العلماء إلي جواز النفل داخل الكعبة لحديث ابن عمر رضي الله عنهما، وهو الذي يليه، واختلف في الفرض، فذهب الجمهور إلي جوازه. ومنع منه مالك، وأحمد وحكي عن محمد بن جرير أنه قال: لا يجوز فيها الإتيان بالفرض ولا بالنفل متمسكاً بهذا الحديث، وهو مع ضعف دلالته لا يعارض حديث ابن عمر (رضي الله عنهما)؛ لأنه حكاية دخوله يوم الفتح، فلو كان ابن عباس (رضي الله عنهما) يحكي غيره فلا يعارضه، وإن كان يحكيه- والظاهر ذلك- فالحديث مرسل؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لما دخل أغلق عليه الباب، ولم يكن ابن عباس معه، فلا يقاوم المسند.
أقول- والعلم عند الله-: في قوله: ((فالحديث مرسل)) بحيث؛ لأنه من رواية مسلم متصل قطعاً، فإنه قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد جميعاً عن ابن بكر، قال أنبا محمد ابن بكر، أنبا ابن جريج، قال: قلت لعطاء: أسمعت ابن عباس يقول: إنما أمرتم بالطواف ولم تؤمروا بدخوله؟ قال: لم يكن ينهي عن دخوله ولكن سمعته يقول: أخبرني أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل البيت ... الحديث، ومن رواية البخاري. قال: حدثنا إسحاق بن نصر نا عبد الرزاق أنبا ابن جريج عن عطاء سمعت ابن عباس قال: لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم البيت ... الحديث؛ فابن عباس علي رواية مسلم ليس براو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يوهم الإرسال في رواية البخاري، وهو مشكل، لأن المرسل ضعيف، وشرط الصحيح اتصال السند، ولعل العذر أن يقال باختلاف الزمان وتعدد دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أن الكاتب سقط منه راوي ابن عباس أو يقال: كان ابن عباس مع من دخل، لكن لم يشعر بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم. وقريب منه ما ذكر الشيخ محيي الدين في شرح صحيح مسلم بإسناده عن بلال (رضي الله عنه): ((أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة وصلي فيها بني العمودين)) وبإسناده عن أسامة: ((أنه صلى الله عليه وسلم دعا في نواحيها ولم يصل)).
وأجمع أهل الحديث علي الأخذ براوية بلال،؛ لأنه مثبت، ومعه زيادة علم، فوجب ترجيحه. والمراد الصلاة المعهودة، ويؤيده قول ابن عمر:((نسيت أن أسأله كم صلي)) وأما نفي أسامة فيشبه أنهم لما دخلوا الكعبة أغلقوا الباب، واشتغلوا بالدعاء، فرأي أسامة النبي صلى الله عليه وسلم يدعو، ثم اشتغل أسامة بالدعاء في ناحية، والنبي صلى الله عليه وسلم في ناحية أخرى، وبلال قريب منه، ثم