١ - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمالُ بالنيات، وإنِما لامرئ ما نوى؛ فمن كانت هجرته إِلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه). متفق عليه.
ــ
قوله:(إنما الأعمال بالنيات) قال الشيخ الإمام المتقن الثقة محيي الدين النووى (رحمة الله عليه) في شرح مسلم: أجمع المسلمون على عظم موقع هذا الحديث، وكثرة فوائده، وصحة روايته، قال الشافعى (رضي الله عنه): هو ثلث الإسلام. وقال ابن مهدى وغيره: ينبغى لمن صنف كتاباً أن يبدأ فيه بهذا الحديث، تنبيهاً للطالب على تصحيح النية. واتفق أهل العربية والأصول على أن (إنما) موضوعة للحصر، يثبت المذكور، وينفى ما سواه، فالتقدير: إن الأعمال تحسب إذا كانت بنية، ولا تحسب إذا كانت بلا نية. وفيه دليل على أن الطهارة (وهي الوضوء والغسل والتيمم) وعلى أن الصلاة والزكاة والصوم والحج والاعتكاف- لا يصح إلا بالنية، وأما إزالة النجاسة فالمشهور عندنا أنها لا تفتقر إلى النية، وقد نقلوا الإجماع فيها؛ لأنها من باب التروك. وتدخل النية في الطلاق، والعتاق، والقذف، ومعنى دخولها أنها إذا قارنت كناية صارت كالصريح، وإذا أتى بصريح الطلاق ونوى تطليقتين أو ثلاثاً وقع مانوى، وإن نوى بالصريح غير مقتضاه دِين فيما بينه وبين الله تعالى، ولا تقبل منه في الظاهر.
قوله:(وإنما لامرئ ما نوى) إشارة إلى تعيين المنوى شرط، ولو كانت على إنسان صلاة مقضية لا يكفيه أن ينوى الصلاة الفائتة، بل يشترط أن ينوى كونها ظهراً أو غيرها، لولا الفظ الثاني:(إنما لا مرئ ما نوى) لا قتضى الأول أى (إنما الأعمال بالنيات) صحة النية بلا تعين، أو أوهم ذلك.
قوله صلى الله عليه وسلم:(من كانت هجرته إلى الله ورسوله) معناه من قصد بهجرته وجه الله وقع أجره على الله، ومن قصد بها دنيا أو امرأة فهي حظه، ولانصيب له في الآخرة. وذكر المرأة مع الدنيا يحتمل وجهين: أحدهما أن سبب هذا الحديث ما روى أن رجلا هاجر ليتزوج امرأة يقال لها: أم قيس، والثاني أنه للتنبيه على زيادة التحذير من ذلك، وهو من باب الخاص بعد