للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٠١ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه، ورجلان تحابا في الله اجتمعا وتفرقا عليه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات حسب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)) متفق عليه.

ــ

فأبعدهم ممشاً)) وإما كتب ما في السير، والمراد بالآثار ما يؤثر في الكتب المدونة من سير الصالحين، فالمعنى لزومكم دياركم وبعد ممشاكم يكتب في سير السلف وآثار الصالحين، فيكون سبباً لحرص الناس وجدهم واجتهادهم في حضور الجماعات، فمن سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها.

الحديث الثاني عشر عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((يظلهم الله)) ((حس)): معناه إدخاله تعالي إياهم في رحمته ورعايته. وقيل: المراد منه ظل الشمس، لأنه جاء في رواية من طريق هذا الحديث ((ظل عرشه)). ((غب)): الظل [ضد الضحى]، وهو أعم من الفيء، ويعبر عن العزة والمنعة والرفاهية، يقال: أظلني فلان أي حرفني وجعلني في ظله، أي عزه، ومناعته.

قوله: ((لا تعلم شماله)) ((شف)): قيل: فيه حذف أي لا يعلم من بشماله ما ينفق يمينه، وقيل: يراد به المبالغة في إخفائها، وأن شماله لو تعلم لما علمها.

أقول: ((في ظله)) تأكيد وتقرير لقوله: ((يظلهم))؛ فإن ((يظلهم)) يحتمل أن يراد به ظله أو ظل غيره، فجيء به نفياً لظل الغير، وكذا قوله: ((يوم لا ظل إلا ظله)) علي نفي جنس الظل وإثبات ظله تقرير له يعني أن الله تعالي يحرسهم من كرب الآخرة ويكنفهم في كنف رحمته، ونظير الحديث قوله تعالي: {يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم} يعني لما سلمت قلوبهم في الدنيا من الشرك الأصغر والأكبر والمعاصي، وأخلصوا أعمالهم لله تعالي جعلهم الله تعالي تحت ظل رحمته، ونفعهم برأفته وعاطفته، ولهذا السر لم يقل: سلطان عادل بل قال: إمام عادل. ومن نشأ في عبادة الله من صغر سنه يسلم من المعاصي غالباً. ومن تعلق قلبه بالمسجد لا يكون إلا تقياً. كما ورد: ((المسجد بيت كل تقي)).

وقوله: ((اجتمعا عليه وتفرقا عليه)) عبارة عن خلوص المودة في الغيبة والحضور، فهو في الإخلاص كالمنفق المستخفي، والذاكر الدامع في الخلوة، وكذا وصف المرأة بالحسن والجمال. وقول الرجل: ((إني أخاف الله)) فيه دلالة علي المقام للدحض الذي لا تثبت فيه الأقدام قال الله

<<  <  ج: ص:  >  >>