٧٠٢ - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صلاة الرجل في الجماعة تضعف علي صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفاً، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلي المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة؛ فإذا صلي، لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه: اللهم صل عليه، اللهم ارحمه. ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة)). وفي رواية: قال: ((إذا دخل المسجد كانت الصلاة تحبسه)). وزاد في دعاء الملائكة. ((اللهم اغفر له، اللهم تب عليه. ما لم يؤذ فيه، ما لم يحدث فيه)) متفق
ــ
تعالي:{وأما من خاف مقام ربه ونهي النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى}. سمعت والدي قدس روحه يقول: كان من التابعين فتى جميل الصورة، وضئ الوجه، راودته امرأة ذات حسن وجمال، فامتنع، فأبت إلا ما أرادت، وغلقت الأبواب، فلما اضطر أذن لدخول الخلاء، فلوث بالقذرة ثيابه ووجهه وخرج، فلما رأته طردته، فرأي يوسف عليه الصلاة والسلام في المنام، فشكر صنيعه وبزق في فمه، فرزق علم رؤيا المنام، وتأويل الأحاديث، والله أعلم.
الحديث الثالث عشر عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((صلاة الرجل)) مبتدأ والمضاف محذوف، أي ثواب صلاته، والضمير في ((تضعف)) راجع إليه، وفي تخصيص ذكر السوق والبيت إشعار بأن مضاعفة الثواب علي غيرهما من الأماكن التي لم تلزمه لزومهما لا يكون أكثر مضاعفة منهما.
وقوله:((وذلك)) الجملة الحالية كالتعليل للحكم، كأنه لما أضاف الصلاة إلي الرجل والتعريف فيه للجنس أفاد أن صلاة الرجل الكامل الذي لا يلهيه أمر دنيوي عن ذكر الله في بيت الله يضعف أضعافاً؛ لأن مثل هذا الرجل لا يقصر في شرائطها، وأركانها، وآدابها، فإذا توضأ أحسن الوضوء، وإذا خرج إلي الصلاة لا يشوبه شيء مما يكدرها، فإذا صلي لم يتعجل للخروج، ومن شأنه هذا فجدير بأن يضعف ثواب صلاته.
وقوله:((اللهم صل عليه)) جملة مبينة لقوله: ((يصلي عليه)) وهو أفخم من أن لو قيل ابتداء: لا تزال الملائكة تقول: اللهم صل عليه، للإبهام والتبيين.
وقوله:((اللهم ارحمه)) طلبت لهم الرحمة من عند الله بعد طلب الغفران؛ لأن صلاة الملائكة علي العباد استغفار لهم. وفي قوله:((كانت الصلاة تحبسه)) إشارة إلي النفس اللوامة التي تشتهي استيفاء لذاتها واشتغالها بخلع العذار، والصلاة تنهاها عن هواها، وتحبسها في بيت الله تعالي