٧٣٨ - وعن ابن عمر، قال: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي في سبعة مواطن: في المزبلة، والمجزرة، والمقبرة، وقارعة الطريق، وفي الحمام، وفي معاطن الإبل، وفوق ظهر بيت الله،. رواه الترمذي، وابن ماجه. [٧٣٨]
ــ
عند الدخول أولي وأحق، في إضافة المسجد إلي الضمير المعظم إشعار بالعلية، وهو يحتمل وجهين: أحدهما أن مسجدنا مكان حلول الملائكة المقربين، ومهبط نزول كلام رب العالمين، فهو حري بأن يطيب بأنواع الطيب ويبخر بأصناف الصندل، فأنى يصلح لنتن الشجرتين الخبيثتين؟ والثاني أن يراد جنس المساجد، ومعنى الإضافة اجتماع المؤمنين فيه لأداء فرائض الله تعالي فيجب الاجتناب عما يؤذيهم من الروائح الكريهة، ومن ثم سن الغسل وتنظيف الثياب.
قوله:((لابد)) ((الجوهري)): ((بد)) فرقة، وقولهم: لابد من كذا، كأنه قال: لا فراق منه، والجملة معترضة بين اسم كان وخبره.
قوله:((فأميتوهما طبخاً)) مجاز هذا مجاز قوله: ((يميتون الصلاة)) لكن بالعكس، فإن إحياء الصلاة أداؤها في أول وقتها، حتى تكون طرية رياً، وإماتتها إخراجها عن وقت الاختيار، حتى تكون ذابلة يابسة، فحياة الشجرتين عبارة عن قوة رائحتهما عند طراوتهما، وموتهما إزالة تلك الرائحة بالطبخ، وفيه إشارة لأهل العرفان إلي سر دقيق.
الحديث العشرون والحادي والعشرون عن ابن عمر رضي الله عنه: قوله: ((المجزرة)) ((نه)): أي الموضع الذي ينحر فيه الإبل، ويذبح فيه البقر والشاة، ونهي عنها لأجل النجاسة التي فيها من دماء الذبائح وأرواثها، وجمعها المجازر، والمعاطن جمع معطن، وهو مبرك الإبل حول الماء. ((حس)): اختلفوا في الصلاة في المقبرة والحمام، فرويت الكراهية فيها عن جماعة من السلف لظاهر الحديث، وإن كانت التربة طاهرة، وقالوا: قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبوراً)) فدل أن محل القبر ليس بمحل الصلاة. ومنهم من ذهب إلي أن الصلاة جائزة إذا صلي في موضع نظيف منه، وتأويل الحديث هو أن الغالب من أمر الحمام قذارة المكان، ومن أمر المقبرة اختلاط ترتبها بصديد الموتى ولحومها، فالنهي لنجاسته، وإن كان المكان طاهراً فلا بأس، وكذلك المزبلة والمجزرة، وقارعة الطريق، فالنهي عن الصلاة فيها لنجاستها، وفي قارعة الطريق معنى آخر، وهو اختلاف المار يشغله عن الصلاة. وأما فوق ظهر بيت الله، فإن لم يكن بين يديه سترة أي بقية جدار يستقبلها بطلت عند الشافعي، ويصح عند أبي حنيفة وإن لم يكن بين يديه شيء، كما لو صلي علي أبي قبيس متوجهاً إلي هواء البيت.
واحتج من جوز الصلاة في هذه الموضع إذا كان المكان طيباً بما روي عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((جعلت لي الأرض مسجداً طهوراً)) ويقال: حديث جابر إنما لإظهار فضيلة هذه الأمة، حيث رخص لهم في الطهور بالأرض، والصلاة في المواضع التي لم تبن للصلاة من بقاعها، بخلاف سائر الأمم، فيجوز أن يدخل فيه التخصيص.