للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفصل الثالث

٧٤٢ - عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من جاء مسجدي هذا لم يأت إلا لخير يتعلمه أو يعلمه، فهو بمنزلة المجاهد في سبيل الله. ومن جاء لغير ذلك؛ فهو بمنزلة الرجل ينظر إلي متاع غيره)) رواه ابن ماجه، والبيهقي في ((شعب الإيمان)). [٧٤٢]

٧٤٣ - وعن الحسن مرسلا، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يأتي علي الناس زمان

ــ

ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة} وقوله تعالي: {فاسعوا إلي ذكر الله وذروا البيع} فعلي هذا قوله: ((شر البقاع أسواقها)) جاء مقرراً لما يعرف به خيرية المساجد، وبضدها تتبين الأشياء، كأنه قال: خير البقاع بقعة مخلصة لذكر الله، مسلمة عن الشوائب الدنيوية، فالجواب من الأسلوب الحكيم، حيث سئل عن الخير أجيب عنه بضده، وقدم الداء علي الدواء؛ والمرض علي الشفاء، لما عسى أن يبدر من المكلف شيء في بيت الشيطان فيتداركه في بيت الرحمن. ولا تظنن أن شأن المساجد وبناءها والاجتماع فيها للجماعات أمر هين. فإن مثل رأس الكرويين وسفير [المسلمين] لم يحصل له دنو مثل ذلك الدنو، وما ذلك إلا لتعظيم المساجد، {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}.

الفصل الثالث

الحديث الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((لم يأت)) أي جاء مسجدي حال كونه غير آت إلا لخير. قوله: ((ومن جاء لغير ذلك)) يوهم أن الصلاة داخلة فيه، وليس كذلك؛ لأن أمر الصلاة مفروغ عنه، وأنها مستثناة من أصل الكلام، وقوله: ((بمنزلة الرجل)) فيه معنى التشبيه كأنه شبه حالة من أتى المسجد لغير الصلاة والتعلم بحالة من ينظر إلي متاع الغير بغير إذنه، ومع ذلك لم يقصد تملكه بوجه شرعي، فإن ذلك محظور وكذلك إتيان المسجد لغير ما بني له محظور، لاسيما مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يجب توقيره وتعظيمه إجلالاً وتبجيلاً لمكانة صاحبه صلى الله عليه وسلم ولا يدخله عبثاً، ولا ماراً، فكيف بغيرهما؟.

الحديث الثاني عن الحسن رضي الله عنه: قوله: ((فليس لله فيهم حاجة)) كناية عن براءة الله (سبحانه وتعالي) عنهم، وخروجهم عن ذمة الله، وإلا فالله (سبحانه وتعالي) منزه عن الحاجة مطلقاً. وفيه تهديد عظيم ووعيد شديد، وذلك أنه ظالم في ظلمه، حيث يضع الشيء في غير موضعه، وقد مر بيان المضاد بين المسجد والسوق، وما بنينا لأجله.

<<  <  ج: ص:  >  >>